دراساتصحيفة البعث

هل يخضع ترامب لضغوط الدولة العميقة؟

ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع كونسيرتيوم نيوز3/1/2019

أكد السيناتور الجمهوري ديك بلاك أن وسائل الإعلام الرئيسية ترفض الاعتراف بأن سورية وحلفاءها هم من نفذوا أكثر المعارك ضراوة ضد تنظيم “داعش والقاعدة”. في الواقع، إننا نَصِفُ المعارك التي تخوضها سورية وحلفاؤها ضد الإرهابيين في سورية على أنها “أنشطة خبيثة”، متجاهلين حقيقة أن تنظيم “القاعدة” في سورية هو التشكيل الجديد لتنظيم “القاعدة” الذي شنّ الهجمات على البرجين التوءمين والبنتاغون وقتل 3000 أمريكي في أيلول 2011.
وقد كتب سيمور هيرش الحائز على جائزة “بوليتزر”، أن استعراض وكالة استخبارات وزارة الدفاع للسياسة السورية في عام 2013 كشفت عن تحوّل برنامج التدريب والدعم السري لوكالة الاستخبارات المركزية إلى برنامج تسليح جميع الإرهابيين بشكل عشوائي، وعلى وجه الخصوص تنظيمي “داعش والقاعدة”. وأنا، بحسب ديك بلاك، أشك بأن يكون هذا مجرد فشل برنامج، حيث توجد أدلة قوية على أن الولايات المتحدة خطّطت لتقويض سورية منذ عام 2001 وقد وضعت السفارة الأمريكية في دمشق إستراتيجية مفصّلة لزعزعة استقرار سورية عام 2006 أي قبل وقت طويل مما يُسمّى “الربيع العربي”، وكان تركيزنا دائماً على إسقاط الحكومة السورية المنتخبة حسب الأصول والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
من المثير للاشمئزاز أن نسمع هؤلاء المهرجين يزعمون أن “الدولة السورية قتلت شعبها”، كما لو أن الإرهابيين المدعومين من الولايات المتحدة لم يلعبوا أي دور في عمليات القتل. لقد شاهدت مئات الفيديوهات تُظهر عمليات قطع رؤوس وتعذيب نشرها بكل فخر أولئك الذين قمنا بتجنيدهم وتسليحهم وتدريبهم على مدى السنوات الثماني الماضية.
خلال رحلتي التي استغرقت خمس ساعات عبر الأراضي السورية التي تمّ تحريرها في شهر أيلول الماضي، تحدثت مع الكثير من الرعاة في الصحراء، والراهبات ورجال الدين، وقد عبّروا جميعاً عن سعادتهم بتحرير الجيش السوري لهم من الإرهابيين.
لم تكن هذه الحرب الكارثية لتحدث من دون تخطيط وتنفيذ أمريكي، وربما كنّا قد أنهينا سنوات من الحرب ولم نتسبّب بمقتل مئات الآلاف من الضحايا لو أننا أغلقنا قواعد التدريب واللوجستيات في الأردن وتركيا والسعودية وقطر. لم يكن للحرب في سورية أية صلة تُذكر بـ”الربيع العربي”، ولكنها ترجع في جزء كبير منها للأعمال السرية التي قامت بها وكالة الاستخبارات الأمريكية، والمخابرات البريطانية، والموساد، والاستخبارات التركية، والمخابرات السعودية، ووكالة الأمن الخارجي الفرنسية.. وغيرهم، ممن يعملون مع جماعة “الإخوان المسلمين” داخل سورية. قمنا بتدريب وتجنيد المزيد من الإرهابيين أكثر مما قتلنا منهم، وسوف نواجه هؤلاء الناجين مرة أخرى في أوقات وأماكن أخرى.
من الضرورة بمكان أن أشير إلى أنه وعلى الرغم من التوجيه القوي للرئيس دونالد ترامب بشأن الانسحاب السريع من سورية، فلم يغادر أي جندي سورية، والحجة القائلة بأنهم مرتبطون بمحاربة “داعش” ليست إلا حجة واهية. فعلى الحدود الجنوبية لسورية توجد القاعدة الأمريكية في التنف، في مكان لا يوجد فيه عناصر من “داعش”، والغرض الوحيد من قاعدة التنف هو استخدام منطقة حظر جوي بطول 55 كم. ما يحرم الدولة السورية من حقها في استعادة النظام وتقديم المساعدات للسوريين المحتجزين في المنطقة التي تسيطر عليها القوات الأمريكية.
التنف هو الكناري في منجم الفحم السوري. وإذا كان للانسحاب أي مصداقية، فإن سحب 800 جندي والمعدات التي تمّ وضعها هناك يمكن أن يتمّ خلال 24 ساعة عبر الحدود الأردنية. ويشير الفشل في القيام بذلك إلى ازدواجية السياسة الخارجية لحكومة الظل، ويبدو أن وزارة الدفاع الأمريكية لا تستجيب للقائد الأعلى للقوات المسلحة الذي أحاط نفسه بمستشارين لا يدينون بالولاء له أو للشعب الأمريكي!.