“قبلة الاستثمار”..!
تشديدُ رئيس الحكومة خلال اجتماع وثيقة الإطار الوطنيّ للتّخطيط الإقليمي على أنّ: (سورية مُقبلة على مرحلة استثمارٍ لا نظير لها في العالم، قوامها استقطاب رؤوس الأموال، بل ستكون قبلة الاستثمار الأهم للسّنوات القادمة، داعياً الوزارات والقطاعات كافة لاستنهاض وتصويب الأفكار وتقاطعها)؛ إنّما يأتي كخلاصة بالغة الواقعيّة، وعميقة الدّلالات بتماهيها مع إنجازات حماة الدّيار، فضلاً عن كونه إعلاناً اقتصاديّاً رسميّاً بالخروج من نفق الحرب الظّلامية وعقابيلها بسنيها الثّماني، ومنها اغتراب السّوريين وهجرتهم بأموالهم.
نعم؛ لقد أزفت ساعة الحقيقة، وآن للمال السّوريّ المهاجر العودة إلى عشّه، لينعم بالأمان والاستقرار، قبل سواه من رساميل أخذت تتلمّس طريقها إلينا..!
فالمصارف السّورية وعلى الرّغم من كلّ تلك النّار؛ وفّرت الأمان لأموال المودعين، وبقيت صامدة، وعملت وأنتجت وحصدت الأرباح، من دون خلل، إذ لم تتوقف يوماً عن مزاولة نشاطاتها، ونالت الكثير من التّقدير والإعجاب من خلال ما أثبتت من جدارة في تنفيذها للسّياسات النّقدية: انكماشيّة كانت أم توسّعية، وما حققته من انسياب للسّيولة في اتّجاهي السّحب والإيداع، من دون الوقوع في مطباتٍ أو منزلقات!
ولطالما سجّل لها المتخصصون الماليون والمصرفيّون علامات الإعجاب بما أبدته من نقاط قوّة تجلّت في سلّة ضوابطها لمروحة المخاطر المحتملة وسلالم تلافيها!
نقاطُ قوّةٍ يجب أن تكون محطّ اهتمام المغتربين، كما المستثمرين الذين نقلوا فعالياتهم وأعمالهم إلى الخارج. لتشكّل حافزاً ورائزاً مشجّعاً لهم للعودة بأموالهم وودائعهم إلى ديارهم الأمّ، وليعاودوا نشاطاتهم، ويستعيدوا دورهم الاقتصادي والاجتماعي في منظومة العمل البنّاء.
ويجب ألّا يغيب عن بالنا ههنا؛ الدّور الرئيس الذي يقع على عاتق راسمي سياساتنا النّقدية سواء لجهة تقديم الحوافز المشجّعة، أم لجهة صناعة بيئة جاذبة للاستثمار تغري المهاجرين بالعودة بودائعهم إلى وطنهم، من خلال خلق البيئة التشريعية المحفزة والجاذبة للاستثمار، ولاسيما في مرحلة إعادة الإعمار، والوقوف على آراء رجال الأعمال حول هواجسهم التّشريعية والقانونية التي تحول دون تطوير عملهم والنّهوض بمشروعاتهم ودراستها، وتوجيه الجهات المعنيّة لإطلاع رجال الأعمال على مشروعات القوانين الخاصّة بالاستثمار لتقديم رؤيتهم حولها، ولاسيما منها مجموعة القوانين والتشريعات المرتبطة بتطوير البيئة المصرفية والاستثمارية، ومواكبتها إعلامياً؛ إضاءةً وترويجاً؛ لإزالة ما يعتريها من لبس، وجسر الفجوة المعرفيّة القائمة بين المغترب وبين قراراتنا الناظمة للقطع الأجنبي، والمتعلقة بآليات فتح حسابات بالقطع الأجنبي وسلاسة إجراءات سحبها بالعملة ذاتها، وكذا طرائق استقبال حوالات المغتربين أو إيداعاتهم بالعملة الأجنبية، وإعادة تحويلها أو سحبها، بالعملة ذاتها أيضاً.
والحال أنّ بقاء المال السّوريّ المهاجر في الخارج لم يعد مبرّراً، وباتت عودته إلى حضن نشاطاتنا ومحافظنا التّنمويّة والاستثماريّة؛ ضرورةً اقتصاديّة ووطنيّة، تستلزم اجتراح الآليات والضّمانات التّشريعية الكفيلة بتحقيق عودةٍ ناجزة وتامّة، لما فيه خير أبناء الوطن كافّة..!
أيمن علي
Aymanali66@Hotmail.com