ثقافةصحيفة البعث

أفلام سينما الشباب في النادي السينمائي

 

ضمن فعاليات مؤسسة أحفاد عشتار وبالتعاون مع وزارة الثقافة والمخرج باسل الخطيب عرض في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- مجموعة من أفلام سينما الشباب، القائمة على معاناة الشعب السوري جراء الحرب الإرهابية، لاسيما الأطفال الذين عاشوا تفاصيل الحرب وانعكاسها على حياتهم، وثمة قاسم مشترك بين الأفلام بالاعتماد على بطولة الطفل السوري وإظهار الفنون كجزء لايتجزأ من الحياة.

في فيلم” شارة حمرا” اعتمد المخرج محمد سمير طحان على الحسّ الموسيقي بإيصال رسالة الفيلم إلى المتلقي بحلم الطفل البطل- ربيع جان- بحياة أجمل، فقاده الصوت إلى معهد أجيال الغد ورؤية العازفين الصغار على آلات شرقية وغربية في إشارة إلى انفتاح الثقافة السورية على الآخر، ليتماهي الحلم والواقع في الفيلم ويواجه في النهاية العنف وقسوة الواقع في عودته إلى الشارة الحمرا التي يقف بجانبها ليبيع الورد فاقداً الورود ومحمّلاً بالأسى والدموع.

ومنذ اللحظات الأولى لفيلم صلصال للمخرج سامي نوفل رُسم على الجدار الترابي هيكل إنسان لتصوّر الكاميرا حياة عائلة فقدت منزلها وتعيش في بقايا منزل في شارع منكوب، ليعتمد المخرج على قلم الفحم برسم بورتريهات لأشخاص مختلفين عن الوجوه الحقيقية برمزية إلى استمرار الحياة، ومن ثم تبدل الصورة التي رُسمت بالفحم إلى صورة ملونة إلماحا إلى ضرورة البقاء ورفض الهجرة.

وتميّز فيلم” خبز” للمخرج يزن أنزور وعبد الله السيّار بالرمزية والدلالات فرغيف الخبز المعبّر عن الحياة والذي يوصله العامل الأصم بالفرن إلى الطفلة التي تنتظره خلف النافذة، بمسار مشحون بالانفعالات والمشاعر والدلالات من خلال البالون الطائر الذي يدل على الفرح والأحلام التي من الممكن أن يتحقق جزء منها، ليموت هذا الحلم مع رصاصة القناص التي تخترق جسد الأصم، لتبدو رمزية رسالة الفيلم بالتصميم على المقاومة والانتصار بإيصال الطفلة ربطة الخبز إلى أحد المنازل.

وتكتمل الصورة بفيلم آدم للمخرج محمد المرادي الذي يدل على التلاحم الوطني عبر اشتراك طفلين بدراجة واحدة.

في حين تطرق فيلم زين برمزية مغرقة إلى تفاصيل الحرب الإرهابية بضرب الطفلة زين التي تحاول أن تلملم بقايا الحجارة لتجمعها وتبنيها من جديد من قبل مجموعة أطفال تنم نظراتهم عن الشر وتشير حركات أيديهم إلى الاقتتال، وتتضح رسالة الفيلم بموت الطفلة بينما الغصن الأخضر يتابع الرسالة.

وفي ليل الغريب للمخرج مالك محمد المأخوذ عن نص لتشيخوف إسقاط لخطف الأطفال، والحلم بعودة الطفل المخطوف خارج سورية – ربيع جان- إلى الشام.

الألم والأمل معاً

وبعد العرض أوضحت د. أيسر ميداني بأن الأفلام عميقة بالطرح والرؤية والمضمون الإنساني حملت الألم والأمل في وقت واحد، إذ تمكّن المخرجون الشباب من تصوير المعاناة اليومية لشرائح الشعب السوري في زمن الحرب ودخلوا إلى المناطق المنكوبة فلامست الكاميرا تفاصيلها، لتتوقف عند الأمر الأكثر إيلاماً وهو الواقع المؤلم الذي عاشه الأطفال، ورغم ذلك وجدوا لأنفسهم بصيص أمل، مشيدة بدور السينما السورية في إيصال صوت الحق إلى العالم بأسره من خلال المخرجين الشباب الهواة الذين قدموا أفكارهم في مهرجان سينما الشباب وحصل بعضهم على جوائز عالمية، فهذا إنجاز كبير للثقافة السورية ولجيل الشباب ودورهم في بناء المستقبل.

ورأى المخرج باسل الخطيب أن الأفلام التي عُرضت تعبّر عن تجارب جيدة تدخل غمار المغامرة لاسيما أنها أعطت البطولة للأطفال وهذا يعد إنجازاً وتحدياً كبيراً، ليخلص إلى أنه في كل دول العالم تعطى ميزانية أكبر للأفلام التي يساهم الأطفال ببطولتها وتتطلب تحضيرات ووقت أطول.

صمود الأطفال بالحرب

وناقش المخرجون مع الحضور المنحى العام للأفلام، فتحدث المخرج سمير الطحان عن التزامه بالقضايا الإنسانية لاسيما في زمن الحرب وحلم الطفل وحقه بأن يحيا حياة أفضل، في حين ركز المخرج يزن أنزور على تفاصيل الفيلم من خلال شخصية البطل الأصم وكيفية تحكمه بالصوت متوقفاً عند مشهد قنصه أداه عبد الله السيّار، بعدم سماع صوت الرصاصة وإنما صوت الرعد المرافق للأمطار.

أما المخرجة سهى حسن فتطرقت إلى اعتمادها على أداء الأطفال وفهم كل طفل دوره  ليعبّر عن فهمه للواقع.

المشاركة الأكبر كانت للطفل ربيع جان إذ جسد دور البطولة في فيلمي شارة حمرا وليل الغريب، فتحدث عن الاختلاف بين الشخصيتين، وعن كيفية فهمه للشخصية ومحاولة إغناء أبعادها بمراقبة شخوص عدة، وتابع شقيقه التوءَم شادي جان عن دوره كعازف قانون في فيلم شارة حمرا وكيفية امتلاكه روح الشخصية لاسيما أنه طالب في معهد صلحي الوادي، ونوّه إلى الشخصية المناقضة تماماً في فيلم زين وإلى التواصل الفعّال مع المخرجة لتجسيد أفضل أداء.

وفي تعقيب سريع بيّنت مديرة المركز رباب أحمد بأن في السينما مدارس مثل الفنّ التشكيلي، فهناك المدرسة الواقعية والمدرسة التجريدية وكذلك في السينما، توجد المباشرة والرمزية.

ولم يكن الاستفسار حول فنية الأسلوب فقط إذ أثارت د. أيسر ميداني سؤالاً لفت انتباه الحاضرين لماذا الطفلة في فيلم زين واجهت الضرب بما يشبه الرجم بالحجارة من الأطفال، فهل هذا المشهد يرمز إلى داعش وإلى كل الضغوط التي تعرضت لها المرأة السورية؟

إلا أن تعقيب المخرجة سهى حسن لم يكن مقنعاً لكثيرين رأوا في هذا المشهد صورة رمزية عن معاناة المرأة السورية، حينما نفت أن تكون الطفلة رمزاً إلى المرأة السورية، وبيّنت من فحوى  دلالات رؤيتها الإخراجية أنها أشارت إلى كل من عمل على ضرب كل من يحاول أن يبني في سورية كما حدث فعلاً من قبل بعض أبناء الوطن.

ملده شويكاني