النفايات الالكترونية.. تهديد للسلامة العامة.. وأضرار بيئية كبيرة
لا يلقي المرء بالاً حين يتخلص بطرق عشوائية من أجهزته الالكترونية والكهربائية المستعملة، لما يمكن أن يسببه ذلك من آثار سلبية بل كارثية على البيئة، وتربتها، والصحة العامة.
ولعل من يشاهد بإمعان وتدقيق هذه الالكترونيات، وسواها من قطع حديدية، وبلاستيكية، يدرك جيداً خطورة هذه النفايات الالكترونية، رغم أن الدافع الأكبر والأهم في رمي هذه النفايات هو التخلص منها من خلال إلقائها بالعراء، أو في مكبات القمامة القريبة من الأماكن المأهولة، أي بين الأحياء السكنية، الأمر الذي يسيء إلى كل ما حولها.
أضرار لا يدركها البعض
نظراً لاحتواء هذه النفايات الصلبة على مادة الرصاص، وعشرات العناصر النفطية والكيميائية الأخرى التي تلوث التربة، وتتسرب إلى المياه الجوفية، فإن ذلك يفضي في النهاية إلى تلوث كبير ينذر بمخاطر على التنوع الحيوي والحياة الطبيعية دون أن يلتفت نظر الكثيرين إلى ذلك، وبمعنى أوضح إنه المؤذي بهدوء.
وتمتلك الأسر السورية مئات الآلاف من أطنان الأجهزة الالكترونية والكهربائية التي ترمى في حاويات القمامة تارة، وطوراً آخر تلقى في أماكن متنامية الأطراف من مدننا وأراضينا الزراعية، حيت ترمى كيفما اتفق، ما يجعلها عرضة للصدأ والتآكل مخلّفة الأضرار البالغة في أماكن تواجدها، في هذه الأثناء يبحث البعض عنها لبيعها لتجار الخردة، أو ما يعرف بمعامل التدوير، حيث يقوم هؤلاء بجمعها من المكبات أو من أماكن إلقائها.
الكترونيات في القمامة
يقول منير درويش أحد العاملين في البحث عن الالكترونيات والبلاستيك وما شابه ذلك بما يدر عليه بالأموال بأنه لا يعلم ما تخلفه هذه النفايات الالكترونية أو بطاريات السيارات وقطع الحديد وغيرها في التربة، ولا في الصحة العامة، بل راح يضحك عندما قلنا له: (إنها مؤذية وتلحق الضرر بالصحة مستقبلاً).
وتساءل: إذا كانت تضر كما تقولون، لماذا لا توضع في مكبات خاصة، لا في الحاويات الخاصة بين الأحياء السكنية؟!.
أم محمد قالت بأنها لدى انتهاء فعالية البطاريات والالكترونيات الأخرى مثل: غسالة، جهاز هاتف، أو سشوار، أو غير ذلك، تقوم برميها في الحاوية الموجودة بالشارع القريب من منزلها مباشرة، وأكملت: أولاً على مجلس المدينة أن يرحل “الزبالة” التي غدت أكواماً، فالحديد والبلاستيك والالكترونيات الأخرى لا أحد ينظر إليها بأنها مؤذية، وإن وجدت فلها من يبحث عنها ليلاً وهم النباشون.
في الوقت ذاته
في قريتنا كان يطوف شوارعها وهو يصرخ عبر مكبرات الصوت في سيارته الصغيرة ينادي: “اللي عنده أدوات الكترونية عاطلة أو غسالة أو صوبيا أو أجهزة تلفزيون أو أي شيء معدني للبيع”، وقد استوقفته سائلاً: ماذا تشتري ولمن تبيع فأجاب: بعد أن أقوم بفرزها كلاً على حدة: نحاس، بطاريات، كهربائيات، غسالة، أو أجهزة هواتف، قطع بلاستيكية، حديد، أتخلص من بعضها ذات الشأن البسيط من خلال رميها أو حرقها في الأرض.
إن النفايات الصلبة الخطرة يجب أن ترمى في أماكن مخصصة نظراً لكونها تهدد سلامة البيئة عبر تراكم المعادن والبلاستيك والمواد الكيميائية السامة التي تتكون فيها هذه الأجهزة والقطع الحديدية والأنابيب والزجاج والأسلاك، وغيرها من الأجزاء الصغيرة من تقنيات الأجهزة الالكترونية.
المهندس الميكانيكي حسين صاحب محل لتصليح الالكترونيات قال: إن 70% من المعادن الثقيلة الموجودة في المطامر والنفايات، بما فيها الزيبق والرصاص والقصدير، تأتي من النفايات الالكترونية، وهي سامة تلوث المياه الجوفية، إذ لم يجر طمرها وفقاً للأصول.
هل لدينا دراسة لمخاطرها؟
مصادر بيئة حماة أكدت في أكثر من مرة بأن تعاون الجهات المعنية لجهة الواقع البيئي غير مرضية، رغم مخاطبتنا لهم في الكثير من الأمور، وأضافت هذه المصادر بأن أكثر المسائل ضرراً في البيئة هي النفايات الصلبة كالحديد، وأجزاء الالكترونيات الأخرى التي إن تحللت في التربة ستلحق بها أضراراً جسيمة، ولذلك يفضل نقلها إلى المكبات الخاصة، أي المطامر طالما لا توجد لدينا مكبات خاصة بمثل هذه الالكترونيات.
وحول ما إن كانت لدينا دراسات علمية سورية حول آثار النفايات الصلبة بمختلف أشكالها وأنواعها، أكد مصدر في خدمات فنية حماة بأنه توجد لدينا دراسات حول القمامة وأثرها على البيئة فقط، أما الصلبة فلا.
حملات توعية
إن الضرر الذي تلحقه النفايات الالكترونية بمختلف أشكالها الصلبة والطبية منها تشكّل تهديداً للسلامة العامة والبيئة الحيوية، ويفضل أن تكون هناك مكبات خاصة بمثل هذه النفايات أي الصلبة، في الوقت الذي يتم فيه تدوير العديد منها لاسيما البلاستيكية، كما يجب إقامة حملات توعية حول مخاطر النفايات الالكترونية والطبية حفاظاً على الصحة البشرية.
محمد فرحة