مشهد درامي.. كما تدين تدان
أتت الأم من عملها ويشغل بالها العديد من أعمال المنزل، تفكر بكيفية تحضير ذلك الطبق المميز لابنها الصغير المدلل وطبق السلطة لولدها الأكبر… إلى ما هنالك من قائمة لا تنتهي، وتكثر قائمة الأعمال الصغيرة من المطبخ مروراً بالغسيل والكوي والترتيب.. وطبعاً يداهم الوقت الأم وهي تقوم بتلك الأعمال، فتطلب من باب التشجيع من ابنتها ذات الأعوام العشرة ونيف المساعدة فترفض وتطالب بحقها باللعب، بل أكثر من ذلك تعترض على قائمة الطعام لهذا اليوم وتبادرها بالقول متى سيصبح لديك الوقت الكافي لأخبرك ما حدث معي أنا وصديقاتي…؟ تصرخ الأم من ألم وهي في قمّة الانشغال “بكفي..”أنت عم تعذبيني، بس تكبري وتتزوجي رح تجيبي أولاد يعذبوكِ”.. تتفاجأ الأم من رد تلك الفتاة الصغيرة ذات الطفولة البريئة، “إذن أنت كنت كذلك مع جدتي وهذه النتيجة ابنة لك تعذبك كما عذبتِ جدتي”… وتتلعثم الحروف في حنجرتها.. كانت الصدمة أكبر من الكلام فما أرادته الأم رُد إليها ولكن بحملٍ ثقيل.. تركت أعمالها الروتينية التي تكاد لا تنتهي وبدأت تفكر بحلّ لذلك المأزق.. لطالما تحدثت لأولادها عن حسن أخلاقها وتعاملها مع جدّتهم، وكم سردت لهم من القصص التي تحمل العبر في طياتها عن إحساسها الصادق بوالديها وما قدماه لها.. اختلطت المعادلة وأصبحت تلك الأم متهمة بكل ما روت.. كانت كلمة الفتاة نصيحة قلبت السحر على الساحر.. وبعد تأمل وتفكير ذهبت الأم بكل هدوء وحزم باتجاه غرفة صغيرتها، فتحت الباب ونظرت في عيونها وقالت “لماذا لا ننهِ هذا العذاب فتصبحين أنتِ فتاة مثالية ولا تكوني مثلي.. لنضع حداً لتوارث الألم من أم إلى أم بأن تكوني أنت الأفضل” وقبل أن تتفوه الفتاة بأي حرف أغلقت الأم الباب وخرجت والدموع قد ملأت عينيها وهي تسأل نفسها أحقاً كنت ابنة غير بارة بوالديّ؟.. ليغفر لي الله.
أمينة العطوة