بعد واشنطن ولندن وكييف.. برلين تهاجم “آر. تي”
في إطار سياسة ممنهجة تتبعها الدول الغربية لشيطنة روسيا كمقدمة لعزلها ومنعها من الظهور على الساحة الدولية قطباً قوياً، تستمر هذه الدول في نشر مفهوم “روسوفوبيا” الذي تحاول من خلاله حشد أكبر عدد من الأعداء ضد روسيا في الساحة الدولية، ويرى كثير من المراقبين أن السياسة التي يتبعها الغرب في تشويه صورة روسيا تأتي بنتائج عكسية، لأنها تنمّ عن عجز واضح عن مواجهة الجانب الروسي بالأدلة التي تثبت مزاعمها.
وردّاً على دعوة اتحاد الصحفيين الألمان السلطات الألمانية إلى عدم إصدار ترخيص لقناة “آر. تي”، ذكّرت المتحدثة باسم خارجية روسيا، ماريا زاخاروفا، بأن البعض في ألمانيا اقترح سابقاً تدريس كتاب هتلر “كفاحي” في المدارس.
وكان اتحاد الصحفيين الألمان قد دعا يوم الجمعة السلطات الألمانية المختصة إلى عدم إصدار ترخيص بث تلفزيوني لبوابة “آر. تي” الألمانية، مدعياً أن القناة الروسية التي تبث بعدة لغات حيّة ليست وسيلة إعلامية لبث المعلومات، بل “أداة دعاية للكرملين”، على حدّ زعمه!.
وكتبت زاخاروفا فى صفحتها على فيسبوك: “أتذكّر كيف أنه قبل ثلاث سنوات، اقترح هيكل مهني مماثل في ألمانيا، هو اتحاد المعلمين الألمان، تضمين كتاب “كفاحي” في المناهج الدراسية”.
وقال رئيس جمعية المعلمين الديمقراطية جوزيف كراوس لنشرة أيام الأسبوع الألمانية: “أعتقد أن هذه الدعوة مفيدة للغاية، لأنها تدمّر الأسطورة. ونحن نعلم جميعاً أن الفاكهة المحرّمة حلوة”.
وفي وقت سابق، وصف سكرتير اتحاد الصحفيين في روسيا، تيمور شافير، دعوة الزملاء الألمان بأنها “انتهاك صارخ وغير مبرر للمبادئ الأساسية للمهنة”، وقال: إن اتحاده يعتزم إثارة قضية العدوان ضد وسائل الإعلام الروسية على المستوى الدولي.
وأصبح الوضع مع وسائل الإعلام الروسية في الغرب خلال السنوات الأخيرة أكثر صعوبة، ففي تشرين الثاني 2016، تبنّى البرلمان الأوروبي قراراً يفيد بالحاجة إلى مواجهة وسائل الإعلام الروسية، معتبراً أن وكالة سبوتنيك وقناة “آر. تي” التلفزيونية تشكّلان تهديدات رئيسية، حسبما جاء في قراره.
وقد قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتعليق على الاقتراح الألماني هذا، وهنّأ الصحفيين على قيامهم بعمل فعّال، وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن هذه الوثيقة (الاقتراح) توضّح التدهور الواضح للأفكار حول الديمقراطية في المجتمع الغربي.
ومع ذلك توقّع بوتين، انتصار الحس السليم، معرباً عن أمله في ألا تكون هناك قيود حقيقية على وسائل الإعلام الروسية في الغرب.
واتهم عدد من السياسيين الغربيين، بمن فيهم أعضاء في الكونغرس، وكذلك رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، سبوتنيك “آر. تي” بالتدخل في الانتخابات في الولايات المتحدة وفرنسا، لكنهم لم يقدّموا أي دليل حسي على ذلك، ووصف ممثلو السلطات الروسية هذه الاتهامات بأنها لا أساس لها من الصحة. ومع ذلك حُرم مراسلو الوسيلتين في فرنسا من الحصول على بطاقات اعتماد في قصر الإليزيه وغيره من الإدارات.
وفي سياق متصل، وبما يشير إلى تنامي الشعور بالخوف من الصعود الروسي الذي يتمّ التعبير عنه غربياً بتظهير مصطلح “روسوفوبيا”، بدأت جامعة جورج تاون التي تعتبر واحدة من أقدم وأعرق الجامعات الأمريكية وأكثرها نفوذاً، بتنظيم دورات للطلاب تسمّى “الحرب الروسية الهجينة” ونشرت معلومات حول ذلك على موقعها الالكتروني.
وحسب البرنامج المنشور على الموقع الالكتروني، فإن الجامعة ستشرح لطلابها عن: “الذباب الالكتروني والروبوتات الروسية” و”عمليات المعلومات” الخاصة بالكرملين، و”التدخل” في الانتخابات الأمريكية و”ضم شبه جزيرة القرم”.
وتزعم الجامعة في الترويج لدورتها، أنها لاحظت بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016 “ازدياد الوعي في الولايات المتحدة بالطريقة الجديدة للحرب من الكرملين”، كما تنوي إخبار طلابها كيف “تضع روسيا أعينها على المجتمع الأمريكي والمواطنين الأمريكيين”.
وبعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عام 2016، بدأت في الولايات المتحدة وساوس الحديث عن “التدخل الروسي” المزعوم في تلك الانتخابات، وهواجس سيطرة موسكو على كل شاردة وواردة في العالم.
وقد نفت السلطات الروسية مراراً وتكراراً أي تدخّل لها في العملية الانتخابية الأمريكية، وفي الوقت نفسه، شدّدت موسكو على أن الولايات المتحدة قد تدخلت مراراً وتكراراً في الشؤون الداخلية لبلدان ثالثة.