رياض شحرور الكوميديان الأجمل
ما من مناسبة للحديث عنه والإتيان على ذكره اللطيف، فتاريخ اليوم لا يحمل في غرته يوم قدومه إلى هذه الدنيا، كما أنه لا يحمل أيضا تاريخ رحيله عنها، لكن يكفي أن تلمح صورة له أو مشهدا هو عرابه، حتى يصبح للحديث مناسبة ومناسبة هامة، عن الفنان الكوميدي الأجمل ربما، لا من حيث الشكل كما يفضل عادة معدو ومعدات الفقرات التلفزيونية، بل من جهة كونه فنانا فريدا، مرّ على الدراما المحلية مرور الكرام وهو من مؤسسيها وصانعي فرجتها، فترك فيها من صفاته الرائقة ما ترك، ولم تزل خزانته المكتظة بالجبنة والزيتون والزيت والزعتر وغيره من أنواع الطعام التي تشتهر به كل محافظة سورية، ماثلة في ذهن كل من تابعه، وضحك من قلبه، لأن فنانا جميلا اسمه رياض شحرور، ولد عام 1935 ورحل عن الدنيا عام 2014، بقي ماثلا في الذهن هو وأشياؤه التي ظهرت في ذلك الكادر، من مسلسل “يوميات مدير عام “زياد الريس- هشام شربتجي” عندما اشتغل في مساحة دور صغير من حيث الحضور، ما لا يمكن إلا للقليل من الفنانين في العالم فعله، “أبو زاهر” جعله واحدا من أهم أدوار المسلسل المذكور، عدا عن كونه حوله من دور ببضعة مشاهد وحوارات قليلة، إلى دور لا يُنسى، وذلك من خلال أدائه الكوميدي البديع، بتقاسيم وجهه وحركة جسده، بردود فعله، وتعامله الحرفي مع السيناريو والكاميرا، بتصديره للضحكة سواء رغب المشاهد في هذا أم لم يرغب، فالأداء الذي قدمه بعيدا عن “الزحلطة” والمبالغة حد السماجة في الأداء، جعل صورته محفورة في أذهان الجمهور المحلي والعربي، الذي أحب هذه الشخصية، كما كان قد أحبها في أعمال سابقة أيضا تُصنف في خانة “الكوميدي”، ومن ينسى “أبو وصفي” وأداءه البسيط في ظاهره، التقني جدا حد العفوية في مخبره، وغيرها من الأعمال التي قدمها في مسيرته الفنية التي امتدت لأكثر من 65 عاما، بعد أن بدأها عام 1955 بتأسيسه لأول فرقة مسرحية غير عادية، ووصفها بغير العادية، كونها كانت تقدم عروضها ليس في المكان المعتاد، أي على الخشبة، بل في ذهابها إلى بيوت الناس وتقديمها لعروضها في البيوت العربية التي كانت حينها.
هكذا كان يذهب فن “رياض شحرور” إلى الجمهور، كما كان يأتي إليه، وهكذا تتلمذت أجيال من الفنانين السوريين في فرقته المسرحية التي يمكن وصفها بالنبيلة، وها هو مؤسسها يوزع الضحكات والفرح مجانا الآن، ولو كان من عالم آخر، ومن خلال دور تمثيلي جديد لا ريب أنه يُبدع فيه أيضا.
تمّام علي بركات