عندما تتفق الهند والصين
ترجمة هيفاء علي
عن ب.برس 12/1/2019
في إطار الحرب التجارية الراهنة بين الصين والولايات المتحدة، وجّهت الهند صفعةً قوية لواشنطن بعد اتخاذها قراراً بتطبيق ضريبة بنسبة 30٪ على المنتجات الزراعية الأمريكية اعتباراً من 31 كانون الثاني الجاري، وسيغطي هذا الإجراء منتجات بقيمة 857 مليون دولار، أي أكثر من ثلث الواردات الزراعية من الولايات المتحدة، فلماذا اتخذت السلطات الهندية مثل هذا القرار، ولماذا يرى الخبراء أنه نتيجة “تأثير صيني”؟.
على الرغم من أن الصين لا تزال الجبهة الرئيسية لحرب واشنطن التجارية، إلا أن دونالد ترامب أثار غضب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، حيث بدأ الأمر في آذار 2018 عندما أعلن دونالد ترامب عن ضرائب بنسبة 10٪ على الألمنيوم و25٪ على الصلب، ما أثّر على قطاع المعادن في روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، واليابان وبلدان أخرى، مثل الهند.
في نيسان الماضي، أدرج البيت الأبيض الوكالة الروسية”روسو-بورويكسبورت” في قائمة العقوبات بموجب قانون “مكافحة خصوم أمريكا بالعقوبات..”، والبنوك الهندية أُجبرت على تجميد شريحة 2 مليار دولار لدفع ثمن إصلاح الغواصة النووية “شقرا”. وفي أوائل شهر أيار الماضي، أعلن رئيس الولايات المتحدة عن سحب الاتفاق النووي مع إيران، ووعد باستئناف العقوبات ضد طهران، وكل الذين يتعاونون مع الدولة الإيرانية، بمن فيهم الصين والهند، وهما الدولتان الرئيسيتان اللتان تشتريان النفط الإيراني.
حقيقة لا تستطيع الهند الاستجابة بشكل متناسب للضرائب الأمريكية والدخول في مواجهة مفتوحة مع واشنطن، كما تفعل الصين، بسبب حجم اقتصادها، ولكن في مواجهة عدوانية واشنطن، وللمرة الأولى منذ وقت طويل، انتقلت بكين ونيودلهي من مواجهة اقتصادية إلى إجراءات منسّقة ضد الضغوط الأمريكية.. ففي الوقت نفسه اتفقت نيودلهي وطهران على التخلي عن الدولار في مشتريات النفط، والاعتماد على الروبية اعتباراً من الشهر الجاري، وكان في وقت سابق تم التوصل إلى اتفاق مماثل مع روسيا. وفي أوائل تشرين الثاني، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف أن الهند ستدفع ثمن أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية اس 400 بالروبل، وثمة مخطط لتوسيع التجارة بالعملة الوطنية لتشمل المنتجات المدنية على المدى الطويل.
من الناحية العملية، لم تعد الهند تعتمد على العملة الأمريكية لتبادل المنتجات الرئيسية لتجارتها الخارجية، وأكثر من ذلك أعلنت الهند فرض ضرائب جديدة على التفاح واللوز والمكسرات والعدس والحمص القادمة من أمريكا، مع العلم أن نيودلهي حذّرت من أن القيود في نهاية المطاف يمكن أن تمتد إلى العديد من منتجات الصلب والحديد، وحمض البوريك، فضلاً عن أجزاء للأنابيب والدراجات النارية.
في الوقت الراهن، تلوح في الأفق نفس التوقعات القاتمة بسبب الضرائب الهندية، لكن في محاولة لترميم الوضع ومعالجته، وضع البيت الأبيض برنامج مساعدات زراعية بقيمة 15 مليار دولار للهند. لكن هذا لا يعني أن الهند والصين، أكبر اقتصادين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لن يواجها واشنطن بقوة وحزم.
وعليه، لن يكون بمقدور دونالد ترامب تحسين توازن التجارة الخارجية بسهولة هذا العام كما يأمل.