ماي أمام اختبار لحجب الثقة عقب نكسة “بريكست”
بدأت النتائج الكارثية لتصويت النواب البريطانيين ضدّ اتفاق “بريكست”، الذي تفاوضت عليه الحكومة البريطانية مع الاتحاد الأوروبي، تظهر تباعاً، حيث تعالت الأصوات الأوروبية المحذّرة من خروج بريطانيا من الاتحاد دون اتفاق، وخاصة أن ذلك قد يؤثر في العلاقات الاقتصادية بين بريطانيا وسائر دول الاتحاد. وفي محاولة أخيرة منها لإقناع النواب، دعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، نواب البرلمان إلى مراجعة موقفهم الرافض للاتفاق بين لندن وبروكسل حول شروط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفي جلسة عقدها مجلس العموم، أمس، تمهيداً للتصويت على الثقة بالحكومة الحالية، قالت ماي: “إذا كان البرلمان لا يريد الخروج بلا اتفاق، فمن الضروري دعم الاتفاق الحالي”. وفي اليوم التالي لهزيمتها التاريخية في مجلس العموم الذي صوّتت الأغلبية الساحقة من أعضائه (432 مقابل 202) ضدّ صيغة الاتفاق المقدمة من الحكومة، قالت ماي: إنها تريد التعرف على نوع الصفقة حول “بريكست” التي سيدعمها المشرّعون. ودعت، في كلمة ألقتها خلال جلسة المناقشات في المجلس، النواب إلى تأكيد ثقتهم في الحكومة الحالية، معتبرة أن دعمهم لها سيمكّن البلاد من المضي قدماً في طريق “بريكست”، كما أكدت تمسك حكومتها بيوم 29 آذار المقبل كموعد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وكانت ماي، بعد فشلها أمس الأول في الحصول على دعم برلمان بلادها لصفقة “بريكست”، قد حذّرت من مغبّة حجب الثقة عن حكومتها وإجراء انتخابات عامة مبكرة، وأكدت ماي أنها واثقة من الفوز بتصويت النواب على الثقة بالحكومة، محذّرة من المشكلات التي قد تنجم عن إجراء انتخابات مبكرة، وخاصة إمكانية إرجاء موعد خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي.
وقالت: “أنا أعتقد أن ذلك أسوأ شيء يمكننا فعله، كونه سيجلب لنا مزيداً من الانقسام بينما نحتاج إلى وحدة، وسيدخلنا في ضبابية بينما نحتاج إلى وضوح، وسيؤدّي إلى تأجيل، بينما نحتاج إلى المضي قدماً”.
من جانبه، جدّد زعيم حزب العمال المعارض البريطاني، جيريمي كوربن، انتقاداته إلى حكومة ماي، قائلاً: إن “بريكست” ليس فشلها الوحيد في بريطانيا، حيث “الفقر يتزايد بوتيرة أسرع من البطالة”.
وكان كوربن قدّم مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة واصفا النتيجة بانها “كارثية”، لكن مبادرته لا تواجه حظوظا كبرى في النجاح، لأن حزب المحافظين الذي تنتمي اليه ماي وحليفه الحزب الصغير المحافظ في ايرلندا الشمالية، الحزب الوحدوي الديموقراطي، لا يرغبان في ان يحل محلهم حزب العمال في قيادة البلاد. وأعلنت ايرلندا من جانبها أنها كثفت التحضيرات لخروج “من دون اتفاق” ودعت لندن الى تقديم اقتراحات “للخروج من هذا المأزق”.
وفي أوساط الاعمال لا يزال القلق شديداً. وقالت كاثرين ماكغينيس، إحدى ابرز المسؤولات في حي الاعمال في لندن، إن “الاستقرار المالي يجب ألا يكون مهدداً بمناورة سياسية”.
إلى ذلك، حذّر كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه من أن مخاطر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق “لم تكن أعلى مما هي عليه الآن”، وقال خلال جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ شرق فرنسا: “تفصلنا عشرة أسابيع عن تاريخ الـ29 من آذار، وبالتالي لم تكن مخاطر الخروج دون اتفاق أعلى مما هي عليه الآن”.
ورفض البرلمان البريطاني بأغلبية ساحقة الاتفاق الذي أبرمته رئيسة الحكومة مع الاتحاد الأوروبي، حيث لم يحصل الاتفاق الذي توصلت إليه الزعيمة المحافظة إلا على تأييد 202 من الأعضاء، بينما رفضه 432 في أقوى هزيمة تلحق برئيس حكومة بريطاني منذ العشرينيات.
وفي سياق متصل أكدت الوزيرة الفرنسية المكلفة الشؤون الأوروبية ناتالي لوازو، أن “إرجاء موعد بريكست المقرر في الـ29 من آذار ممكن قانونياً وتقنياً إذا طلب البريطانيون ذلك”، وقالت في حديث لإذاعة “فرانس انتر”: “حالياً ليست سوى فرضية لأن رئيسة الوزراء البريطانية لم تطلب ذلك أبداً ولا فعل أحد من حكومتها”.