الصفحة الاولىصحيفة البعث

تزايد الدعوات في ألمانيا للانسحاب من الاتحاد الأوروبي

 

عشية الانتخابات البرلمانية في الاتحاد الأوروبي أدرج ثاني أكبر حزب ألماني “البديل من أجل ألمانيا” إلى برنامجه بنوداً حول احتمال انسحاب بلاده من الاتحاد الأوروبي حال عدم إصلاحه، ويرى الخبراء أن ذلك نذير بوقوع “أزمة عميقة في الاتحاد الأوروبي”.
ويعتقد السياسيون بأننا نشهد اليوم أول مرة عندما يتمّ تعريض مستقبل الاتحاد الأوروبي للشك بهذا المستوى العالي. والأكثر من ذلك من قبل الدولة التي تلعب أهم دور في الاتحاد.
ويعبر المحللون عن اعتقادهم بأن الشكوك بالاتحاد الأوروبي تزداد قوة في عدد من بلدان الاتحاد، الأمر الذي يعني أن إصلاحات عميقة قد تقع في الاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب.
وأعلن حزب “البديل من أجل ألمانيا”، الذي عقد مؤتمره الأخير في 13 الجاري في مدينة ريزا الألمانية، أنه لا يستبعد احتمال انسحاب ألمانيا من الاتحاد الأوروبي حال عدم إصلاحه في القريب العاجل.
ويدعو الحزب لإجراء الإصلاحات العميقة في الاتحاد الأوروبي. ويصر خاصة على ضرورة الحد من الدور التشريعي في الاتحاد، وحل البرلمان الأوروبي وإنشاء جمعية لممثلي المجالس التشريعية الوطنية للدول الأعضاء فيها بدلاً من البرلمان.
وفي المجال الاقتصادي يقترح الحزب التخلي عن اليورو والعودة إلى استخدام العملة الوطنية الألمانية، وهذا ما يدعو إليه منذ تأسيسه عام 2013.
وتزداد سمعة المحافظين الراديكاليين من حزب “البديل من أجل ألمانيا” بشكل دائم. فعام 2017 حصل الحزب على 91 مقعدا في البوندستاغ ليصبح ثالث أكبر كتلة فيه.
كما تعززت مواقع الحزب في الآونة الأخيرة على خلفية أزمة الهجرة المنتشرة. وبحسب التحاليل الأخيرة يحتل الحزب المقعد الثاني من حيث شعبيته في البلاد.
كما تشير المعلومات الأخيرة على أن 15% من الألمان يؤيدون أفكار الحزب الذي يرحب بالبريكست ويقترح إغلاق الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وتشديد سياسة الاتحاد في مجال الهجرة.
واعتقدت خبيرة مركز التحاليل الجيوسياسية، داريا بلاتونوفا، أن هذه الاقتراحات تدل على التغيرات الجذرية في سياسة الاتحاد الأوروبي، وقالت: “إنه وضع نادر تماماً وخاصة بالنسبة لحزب “البديل من أجل ألمانيا”، إذ أن موقفه من الاتحاد الأوروبي كان في بداية الأمر يكمن في نهج الإصلاح. وعندما تبدأ بعض الدول مثل اليونان وإيطاليا وفرنسا التحدث عن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي يدور الحديث عن تحريرهم من المستفيد الاقتصادي للاتحاد الأوروبي وهو ألمانيا.
ولكن عندما نسمع الأفكار حول الانسحاب من الاتحاد الأوروبي من جانب ثاني أكبر حزب داخل المستفيد الاقتصادي نفسه فيدل ذلك على وجود أزمة عميقة في الاتحاد الأوروبي”.
من جانبه افاد كورنيليوس أديبار، الباحث في مركز كارنيغي الأوروبي للأبحاث، بأن نمو شعبية التشكيك الأوروبي يساعد على رفض الدول الأوروبية الأخرى (مثل هنغاريا وبولندا) تنفيذ الأحكام الأوروبية.
ويذكر الخبراء أن الأحزاب التي تقف مواقف الريبة من الاتحاد الأوروبي تعزز مواقعها في السنوات الأخيرة في الساحة السياسية في مختلف البلدان الأوروبية، وبينها بريطانيا وفرنسا والدانمارك والنمسا وألمانيا والسويد واليونان وإيطاليا.
وفي الوقت نفسه فإن المشككين الأوروبيين من الدول الأخرى هم الذين يعتبرهم حزب “البديل من أجل ألمانيا” أهم أنصار بالنسبة له في الانتخابات البرلمانية الأوروبية المقبلة.
وأعلن يورغ مايتن، أحد زعماء الحزب، أنه يأمل بأن يبدأ الاتحاد الأوروبي بعد انتخابات أيار المقبل إصلاحه “في اتجاه أوروبا للأمم التي تتعاون مع بعضها البعض”.
بالتوازي، حذّرت شركات ألمانية كبرى من تداعيات خروج بريطانيا غير المنتظم من الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد الألماني، وقال الرئيس التنفيذي لغرفة التجارة والصناعة الألمانية البريطانية أولريش هوبي لصحيفة “هاندلسبلات” الألمانية: “لا يمكن تجاهل نتائج مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي دون اتفاق على الاقتصاد الألماني”.
بدوره، قال رئيس هيئة الرقابة المالية الفيدرالية في ألمانيا فيليكس هوفلد: “إن حوالي 45 مؤسسة ألمانية تعتزم التحرك بسرعة والاستعداد للخروج غير المنتظم لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي”، مشيراً إلى أن صانعي السيارات والموردين من بين القطاعات الأكثر تضرراً.
من جهتها، أعلنت شركة “فولكس فاغن” لصناعة السيارات أن نتيجة تصويت مجلس العموم البريطاني على الخروج من الاتحاد الأوروبي تعني مرحلة أخرى من عدم اليقين والتخطيط غير الموثوق.
وكان النواب البريطانيون رفضوا بأغلبية ساحقة، أول أمس، اتفاق بريكست الذي توصلت إليه ماي مع بروكسل لخروج لندن من الاتحاد الأوروبي.