“العمال”: على ماي التخلي عن خطوطها الحمر
لا تزال مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تثير كثيراً من ردود الفعل المتناقضة حولها، وتتراوح الآراء في هذا الشأن بين المطالبة بخروج منظم من الاتحاد أو استفتاء آخر على هذا الخروج يمكن أن يشكل حلاً للجميع من المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه، وخاصة أن التداعيات الكارثية لهذا الخروج يمكن أن تشمل أوروبا كلها وليس فقط بريطانيا.
وبعد نجاة حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من مذكرة لحجب الثقة عنها بفارق ضئيل، طالب زعيم المعارضة العمالية في بريطانيا جيريمي كوربن رئيسة الوزراء بالتخلي عن “الخطوط الحمر” التي حدّدتها بشأن بريكست إذا كانت تريد التحاور مع المعارضة، داعياً إلى استبعاد كل فرضيات الخروج دون اتفاق.
وقال كوربن في خطاب أمام ناشطين في هاستينغس جنوب شرق إنكلترا: “على ماي أن تتخلى عن خطوطها الحمر”، داعياً أيضاً إلى استبعاد احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
ودعا ماي إلى التباحث بجدية “حول طريقة التفكير بالمستقبل” محذّراً إياها من محاولة “ابتزاز النواب للتصويت مرة جديدة على اتفاقها المتسرّع”.
وبعد رفض البرلمان اتفاق بريكست بأغلبية ساحقة مساء الثلاثاء، ونجاتها من مذكرة لحجب الثقة بفارق 19 صوتاً فقط، قررت ماي استقبال قادة المعارضة في محاولة للتوصل إلى توافق.
وقال كوربن: “لكن عرض التباحث تبيّن أنه للإعلام فقط”، معتبراً أن ماي “لم تدرك حجم” أحداث الأسبوع.
وبين الخطوط الحمر التي رسمتها ماي، رغبتها بالخروج من الاتحاد الجمركي الأوروبي بينما يريد حزب العمال البقاء فيه، ورغبتها أيضاً في وقف حرية تنقل المواطنين الأوروبيين.
وتواصل رئيسة الوزراء البريطانية مشاوراتها بحثاً عن تسوية حول بريكست، وهي المهمة التي لا تزال صعبة المنال بعدما فرض قادة المعارضة شروطهم.
وبدأت الزعيمة المحافظة باستقبالهم مساء الأربعاء فور تأكيد فشل مذكرة حجب الثقة عن حكومتها التي قدّمها العماليون، في محاولة للتوصل إلى موقف مشترك قبل أقل من ثلاثة أشهر على الموعد المقرر لبريكست.
من جهة ثانية، دعا أكثر من 170 من شخصيات العالم الاقتصادي إلى إجراء استفتاء جديد في بريطانيا حول بريكست. وكتبوا في رسالة مفتوحة نشرتها أمس صحيفة التايمز، أن “الأولوية الآن هي لمنع خروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. ومن أجل القيام بذلك، الوسيلة الوحيدة الممكنة هي سؤال المواطنين ما إذا كانوا لا يزالون يرغبون في مغادرة الاتحاد الأوروبي”.
لكن براندون لويس أكد أن الحكومة لا تعتقد أن استفتاء جديداً “هو الطريقة المناسبة للمضي” في هذه العملية، وقد استبعدت ماي هذا الخيار حتى الآن معتبرة أنه لن يكون ديمقراطياً.
وفكرة تنظيم استفتاء ثانٍ يدافع عنها أيضاً الحزب الليبرالي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب القومي في ويلز ويحضّون زعيم المعارضة العمالية على أن يحذو حذوهم.
لكن على الرغم من الضغوط من قاعدته الناخبة وأوساطه المقرّبة المؤيدة أيضاً لهذا السيناريو، لا يزال كوربن يرفض حتى الآن هذا الخيار، وقد يكون فشل مذكرة حجب الثقة الذي أبعد احتمال تنظيم انتخابات جديدة سبباً لحمله على تغيير رأيه.
وفي السياق، كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة يوغوف، ونشرت نتائجه أمس، عن احتمال أن يصوّت البريطانيون لمصلحة البقاء داخل الاتحاد الأوروبي بفارق 12 نقطة مئوية في حال إجراء استفتاء آخر وهي أعلى نسبة منذ استفتاء الخروج عام 2016.
وذكرت “رويترز” أن الاستطلاع الذي نشرت نتائجه حملة “بيبولز فوت” التي تطالب بإجراء استفتاء آخر وجد أن 56 بالمئة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم يعتزمون التصويت لمصلحة البقاء في الاتحاد الأوروبي مقابل 44 بالمئة سيصوتون لمصلحة الخروج منه مع استبعاد الممتنعين عن التصويت أو مَن لم يحسموا أمرهم.
وأظهر الاستطلاع أن نسبة التأييد لإجراء استفتاء آخر بلغت 78 بالمئة بين مؤيدي حزب العمال المعارض.
وكان 17.4 مليون بريطاني أي ما يعادل 51.9 بالمئة من الناخبين أيدوا الخروج من الاتحاد الأوروبي مقابل رفض 16.1 مليوناً أي 48.1 بالمئة أيدوا البقاء فيه، وذلك في استفتاء أجري في الـ23 من حزيران عام 2016.
في الأثناء، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب أن بلاده صاغت خطة طوارئ في حال خروج بريطانيا من دون اتفاق مع الاتحاد الأوروبي.
ونقلت وكالة “رويترز” عن فيليب قوله لعدد من الوزراء: إن “الخطة تشمل استثمارات بقيمة 50 مليون يورو أي ما يعادل 75 مليون دولار لدعم الموانئ والمطارات وخططاً لمساعدة الصيادين والشركات في قطاع الصيد الفرنسي الذي من المرجّح أن يتضرّر بقوة في حال خروج بريطانيا دون اتفاق”، وأوضح أن الخطة “تتضمن إجراءات تشريعية وأخرى قانونية تهدف إلى الحفاظ على حقوق مواطنينا وشركاتنا”.