موسكو: النهج الأمريكي بشأن معاهدة الصواريخ مبهم
لا يزال الجدل دائراً بين موسكو وواشنطن حول الالتزام بمعاهدة الصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى، ففي الوقت الذي تدّعي فيه واشنطن أن روسيا خرقت هذه المعاهدة من خلال صاروخ “9 إم 729″، يصرّ الجانب الروسي على أن هذا الادّعاء لا يعدو كونه خوفاً من إمكانات هذا الصاروخ وقدراته التدميرية العالية، أو وسيلة للتنصّل من هذه المعاهدة التي باتت تشكل قيداً لها.
فقد صرّح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أمس، بأن النهج الأمريكي الحالي بشأن معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى غير واضح بالنسبة لروسيا، وقال في تعليقه على تصريحات الأمريكيين بشأن المعاهدة: “لا نفهم ما هو جوهر الموقف الأمريكي الحالي، هل يريد زملاؤنا في واشنطن أن نعمل من أجل الحفاظ على المعاهدة، أم أنهم قرّروا أخيراً بأنه بعد تعليق تنفيذ المعاهدة، سيكون هناك انسحاب منها رسمي وكامل، كما قالوا لنا بوضوح وبشكل محدّد في سياق المشاورات التي جرت في جنيف، وغير مفهوم بالنسبة لنا النهج الأمريكي في هذه المسألة”.
وشدّد ريابكوف على أنه بالنسبة لروسيا “يبقى السؤال مفتوحاً حول كيفية قيام الولايات المتحدة بحل المشكلات المرتبطة بمطالباتنا لواشنطن فيما يتعلق بتنفيذ معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى”.
وأعاد ريابكوف إلى الأذهان أن المطالبات الروسية مرتبطة بالمشكلات المعروفة في مجال الصواريخ والأهداف والطائرات دون طيار، وبالطبع بنشر أنظمة “إجيس أشور” في أوروبا، حيث تستطيع منصات الإطلاق متعددة المهام ليس فقط إطلاق صواريخ اعتراضية، بل صواريخ “أرض — أرض” أيضاً، سواء أكانت صواريخ “كروز” المجنّحة أم الصواريخ الباليستية، والحديث أيضاً يدور عن هذا الأمر في الآونة الأخيرة، وتابع: “لذلك، طرح السؤال علينا حول كيفية استعداد روسيا لتنفيذ المعاهدة سيكون، من الجانب الأمريكي، على الأقل، غير صحيح، بل استفزازي إذا سمّينا الأشياء بأسمائها”.
وفي هذا الصدد، دعا ريابكوف واشنطن للمشاركة في مؤتمر صحفي حول معاهدة الصواريخ، معرباً عن أمله بحضور الدبلوماسيين الأمريكيين، وتوجّه للصحفيين قائلاً: “جميع الزملاء الذين لهم علاقة بهذا الأمر مدعوون، ونأمل أن يجد الأمريكيون إمكانية للمشاركة في هذا الحدث”.
وكان ريابكوف قد أعلن في وقت سابق أن موسكو تخطط، في 18 كانون الثاني الجاري، لتنظيم إيجاز إعلامي لسفراء الدول الأوروبية وشركاء روسيا، مشيراً إلى أن سفارات ألمانيا واليونان والسويد وبريطانيا أعلنت أن ممثليها سيشاركون فيه.
وفي الشأن ذاته أعلن ريابكوف: إن الولايات المتحدة لم تقدّم أي توضيح لموسكو حول اعتقادها بأن الصاروخ “9 إم 729” ينتهك معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، وأضاف: “نحن نلتزم بالمعاهدة بشكل كامل، من دون أي تغيير، ودون أي استثناءات، ودون انحراف عن المتطلبات، ونظامنا (9 إم 729) لم يختبر أبداً لمدى محظور بموجب المعاهدة، ولا نرى أي أسباب أخرى تجعل الولايات المتحدة توجّه لنا ادّعاءات فيما يتعلق بالمعاهدة، ولكن على وجه التحديد، في ظل هذا النظام، أظهرت الولايات المتحدة عدم قدرتها على تزويدنا بمعلومات محدّدة عن السبب الذي استنتجت من خلاله أن هذا الصاروخ لا يتوافق مع مطالب المعاهدة”.
ولتأكيد أن المزاعم الأمريكية بشأن هذا الصاروخ تستند إلى ادّعاءات واهية، شرح خبير عسكري روسي لماذا تخشى الولايات المتحدة الأمريكية صاروخ “9 إم 729”.
وقال الخبير العسكري الروسي أليكسي ليونكوف تعقيباً على ادّعاءات واشنطن: إنه لا يرى مبرّراً لمطلب الولايات المتحدة ويعتبر الادعاءات الأمريكية ظالمة.
وفي ظن الخبير أن الأمريكيين يطرحون ادعاءاتهم الظالمة لتهيئة الظروف للانسحاب من الاتفاقية التي تضع قيوداً عليهم، والأغلب ظناً أن المطلب الأمريكي يقف وراءه خوف من الصاروخ الذي يستطيع أن يلحق أضراراً تماثل الأضرار الناتجة من انفجار العبوة الناسفة النووية، وتفوق إمكانياته كثيراً إمكانيات العتاد الأمريكي الفتاك، مع العلم أنه يمكن إطلاق صاروخين من هذا الطراز على هدفين مختلفين في الدقيقة الواحدة.
من جهته، رأى عضو مجلس الشيوخ الروسي، أليكسي بوشكوف، أن إعلان الولايات المتحدة موعد تعليق التزاماتها بمعاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، يعني أن مصير المعاهدة قد تقرّر، وكتب على “تويتر”: “إعلان الولايات المتحدة تاريخ موعد انسحابها من معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى يوم 2 شباط المقبل، يعني أن مصير المعاهدة قد تقرّر”، مشيراً إلى أن “الولايات المتحدة لن تتراجع عن قرارها، والأسوأ وضوح الوهم”.