الأسلحة النووية.. العيش مع الخطر
ليس هناك ما يشير إلى أن معاهدة “ستارت” الجديدة ، التي تنظم أعداد ونشر القوات الإستراتيجية الأمريكية والروسية، قد يتمّ تمديدها لمدة خمس سنوات، حتى العام 2026، في ظل سياسات إدارة ترامب، التي تدفع كل من الصين والهند وباكستان لتطوير ترسانتها النووية الأصغر إلى حد كبير.
لقد جعل ازدراء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمؤسسات والقواعد الدولية منه زعيماً للتصعيد النووي العالمي، فالسياسات النووية الأمريكية تعكس وتحرض وتولّد تدابير مضادة من قبل الآخرين، وتزرع الشكوك لدى الحلفاء.
لقد لخص ترامب في شهر شباط من العام الماضي في استعراضه للموقف النووي رؤية شاملة لدور الأسلحة النووية، بأنه سوف يكون لها تأثيرها البالغ في توسيع الترسانة النووية الأمريكية أربعة أضعاف، وإدخال أسلحة جديدة، وتخفيض العتبة لاستخدامها، وتوسيع الظروف التي يمكن بها التهديد باستخدام الأسلحة النووية كأدوات للضغط الدبلوماسي. لكن في استطلاع للرأي، نُشر في كانون الثاني من العام الماضي، فإن 60 في المائة من الأميركيين لا يثقون في ترامب ولا في قيادته النووية.
ورداً على ترامب، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في آذار من العام المنصرم عن مجموعة جديدة من الأسلحة النووية المتفوقة. وفي الوقت نفسه، دعت الصحيفة الرسمية للجيش الصيني إلى تعزيز قدرات الصين في الردع النووي والردع المضاد رداً على التطوّرات الأمريكية، خاصةً بعد تهديد ترامب في تشرين الأول الماضي بالانسحاب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى.
يبرز هذا التطوّر حقيقتين راهنتين. أولاً: إن المعادلات النووية الأساسية في الحرب الباردة لم تعد كافية كإطار تحليلي لفهم السلاسل النووية المترابطة اليوم التي تمتد إلى عدة دول أخرى، في آسيا والمحيط الهادئ، تماماً مثل الدول الأوروبية الأطلسية. وثانياً، لم يعد من الممكن إنكار الحاجة إلى تعدد هياكل الهندسة النووية للتحكم في الأسلحة النووية.
لقد توهم العالم أنه حصل على فترة راحة من التهديدات النووية، لكن هذا الوهم تلاشى مع خروج ترامب من صفقة عام 2015 مع ايران، ومع عودة العقوبات الأمريكية، التي هي انتهاك مباشر لقرار مجلس الأمن 2231. كما عزّز الخروج الأمريكي الأحادي وغير القانوني القناعة بأنه لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة في احترام الاتفاقيات الدولية.
لقد تمّ تبني معاهدة الحظر النووي من قبل ثلثي أعضاء الأمم المتحدة في تموز 2017، ومن المحتمل أن يكون هناك في نهاية عام 2019 معاهدتان دوليتان لتحديد اتجاهات وقواعد السياسة النووية العالمية.
في الأول من تشرين الثاني الماضي، تبنت اللجنة الأولى التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة قرار نزع السلاح الذي قدمته اليابان، والذي يدعو إلى إزالة جميع الأسلحة النووية، وكانت الولايات المتحدة قد رفضت الإشارات الواضحة إلى المادة 6 من معاهدة الحد من التسلح، وامتنعت عن التصويت على القرار، واصفة إياه بـ “خطوة إلى الوراء”. ولكن يتعيّن على المعارضين أيضاً أن يتعلّموا التعامل مع معاهدة حظر الأسلحة النووية، ففي حين يزعم النقاد إن معاهدة الحظر تقوّض معاهدة عدم الانتشار- وهذا غريب فجميع الدول الموقّعة هي أعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي- يصطف المعارضون جنباً إلى جنب مع الرافضين منذ فترة طويلة لمعاهدة حظر الانتشار النووي.
عناية ناصر