رياضةصحيفة البعث

حكاية كروية حزينة.. منتخبنا أكمل رحلة سقوط بدأت قبل 11 عاماً!

 

انتهت حكاية كرتنا بأمم آسيا بأسرع مما توقع أشد المتشائمين، حيث لم يستطع منتخبنا الوطني أن يكون بين أقوياء القارة، فنال نقطة واحدة جعلته بأسفل سلم ترتيب المجموعة الثانية، والكثيرون تحدثوا عن منتخبنا، وعرّجوا على أسباب الخسارة، لكن المعروف للجميع أن المشكلة لم تكن بالأداء ولا بالهزيمة، بل كانت بالشكل الصادم الذي ظهر عليه منتخبنا، والذي فتح الطريق لنهاية مبكرة للحلم!.
ضعف إداري
إذا ما عادت بنا الذاكرة لعام 2008 عندما حقق منتخبنا انتصاراً محزناً بمدينة العين الإماراتية على صاحب الأرض بثلاثة أهداف لهدف (ضمن تصفيات كأس العالم 2010) بلقاء انتهى على بكاء الفريق على ضياع حلم تأهله بفارق هدف واحد، فإن الذاكرة تعود بنا إلى البطولة الحالية لأمم آسيا وفي المدينة نفسها، حيث بكى السوريون من جديد بعد سقوط فريقهم أمام استراليا، وما بين الهزيمتين 11 عاماً، والكثير من الأخطاء التي حرفت مسار الكرة السورية عن القمة.
لا شك أن السقوط عام 2008 جاء لأن المسؤولين عن المنتخب لم يعرفوا نظام البطولة، واكتشفوا أن نظام التأهل بتصفيات كأس العالم ينص على فارق الأهداف وليس المواجهات المباشرة، وقبل يومين فقط من لقاء الإمارات بالجولة الأخيرة عرفوا بالأمر، ويومها لام مدرب منتخبنا اتحاد كرة القدم لأنه لو عرف كيفية نظام التأهل لما كان قد غامر بفتح ملعبه وتلقي هدفين بجولتين سابقتين، وفي النهاية فاز منتخبنا وخرج من التصفيات، ليأتي بعدها اتحاد كرة قدم جديد كان له قرار تغيير مدرب المنتخب قبل المشاركة بنهائيات أمم آسيا 2011 بحوالي شهر فقط، ليعود ويرتكب الخطيئة الكبرى حين سمح بإشراك لاعب سبق أن ارتدى قميص المنتخب السويدي بتصفيات مونديال 2014 أمام طاجكستان، لتأتي البطاقة الحمراء من “الفيفا” التي أعلنت عن نهاية حلم جيل صنف في ذلك الوقت بالذهبي، كل ذلك أدى لفقدان السوريين ثقتهم باللعبة، وبكيفية قيادتها.
غير كفء
الاتحاد الحالي رسم أحلاماً وردية للجماهير السورية، وأطلق شعارات رنانة قبل انطلاق البطولة، فبنيت الأحلام بعد نهاية التصفيات بظهور جيل سوري قادر على كتابة التاريخ في كأس آسيا، ولكن مرة أخرى تحطم كل شيء بعد اختيار مدرب لم يظهر معرفته حتى بأساسيات اللعبة، فارتكب جرائم تكتيكية لا تغتفر خلال لقاءي فلسطين والأردن، لتتم بعدها الاستعانة بالمدرب الوطني فجر إبراهيم، وبعد التمرين الأول قال لاعب منتخبنا محمد عثمان: “إن الفريق لم يحصل على تمرين نوعي كالذي قدمه إبراهيم منذ قدوم شتانغه”، هذا التصريح جاء ليطلق رصاصة الرحمة على اتحاد الكرة، فأين كان المسؤولون حين كان شتانغه والكادر الفني ومساعده طارق جبان لتظهر تمارين المنتخب بهذه الصورة الضعيفة؟ ولماذا لم يكن هناك من يتابع عمل المدرب ويقيّمه؟.
وبالعودة لتصفيات المونديال الأخيرة خرجت أصوات كثيرة تطالب بالتخلي عن المدرب الوطني واستقدام مدرب أجنبي يسمح لمنتخبنا بلعب كرة قدم هجومية أفضل، وعلى الفور استجاب اتحاد الكرة لهذه الأصوات واعترف بشكل علني بالبدء بمفاوضات لضم مدرب جديد، فاستقال الحكيم، وجيء بالألماني، وبالتالي ظلم اتحاد الكرة مدربينا الوطنيين الذين يفوقون شتانغه بآلاف الأميال؟!.
غياب الشخصية
كل ما تقدم يدل على أن غياب الشخصية الفنية القوية داخل اتحاد الكرة سبب رئيسي لكل الإخفاقات التي رافقت كرتنا العام الماضي، بدءاً من المنتخب الأول، مروراً بالمنتخب الأولمبي، فمنتخب الشباب، ومن ثم بالناشئين، كما كان الضعف الإداري سابقاً السبب بإقصاء المنتخب مرتين من التصفيات، فالخطأ الفني لا يختلف عن الخطأ الإداري!.
ودون أدنى شك فإن لدى كرتنا تاريخاً حافلاً مع سوء التخطيط، ففي ست مشاركات بأمم آسيا أشرف مدرب محلي على تدريب الفريق بالبطولة مرتين: الأولى عبر موسى شماس، وذهب في نهائيات عام 1980 بفريق لم يتجاوز معدل أعماره 22 عاماً، لكنه صدم الجميع بالنتائج التي حققها، ومازالت الأفضل بتاريخ كرتنا، وفي نهائيات عام 1984 أشرف على تدريب منتخبنا المدرب الوطني أفاديس، وخرج أيضاً بنتائج جيدة، ورغم تعاقب المدربين الأجانب على منتخبنا فيما بعد، إلا أن الحصيلة لم ترتق لمستوى الآمال، إلى أن دخل فجر إبراهيم لقاء استراليا بطموح المدرب الساعي لإعادة هيبة المدرب السوري بعد انتظار دام 38 عاماً، وقدم إبراهيم الكثير لتغيير شكل المنتخب، لكن تفادي الإقصاء لا يمكن أن يكون بمواجهة استراليا.
عماد درويش