عرض فارغ المحتوى
وقت لا يتجاوز 30 ثانية وهو فيلم قصير لمنتج أو شركة أو عرض ما كافٍ للصعود أو الهبوط بما يعرضه، ويحتوي هذا الفيلم الإعلاني على أشكال وألوان ذات مضامين مؤثرة جداً في عقل المشاهد لاسيما أن الصورة احتلت الجزء الأكبر منه وهي أهم عنصر للاتصال البصري، هذه العروض الإعلانية منها ما يكون سياسياً أو اقتصادياً، تقدمها الشركات لتعلن ظهورها وتبدأ تحديها مع باقي الشركات الأخرى، وحتى تصل لذلك عليها اختيار شركة إعلان جيدة تقدم لها مادة إعلانية سهلة وقوية في ذات الوقت، وتحوي عبارات مريحة مع فكرة ثريّة المعنى لتشد المشاهد وتتشبث بذاكرته.
الإعلان فن بحد ذاته، وبالرغم من وجود أكاديميات متخصصة بتدريسه وإتقانه، إلا أننا حتى الآن نعاني من ضعف شديد في تقديمه، ويعود ذلك إلى قلة الدعم المادي الجيد، حيث تعتبر حصة الفرد السوري من فواتير الإنفاق الإعلاني في سورية الأقل في المنطقة العربية والعالمية، ويرد ذلك إلى تردي الوضع الاستهلاكي الذي يعيشه المستهلك، فهو يتخذ قراراته الشرائية بنفسه دون الرجوع إلى إعلان أو ترويج ويعتمد على التجربة فقط، وهو أمر بغاية الخطورة وسط ازدحام المنتجات الأجنبية، وبما أننا حتى الآن لا نمتلك وسيلة لحماية المنتجات الوطنية وبناء سمعة طيبة لها، حتماً سيتجه المستهلك السوري إلى تلك المنتجات الأجنبية ولو كانت بسعر أعلى لما تمتلكه من إعلان قوي وجودة عالية.
لكن السبب المادي ليس الأول والأخير، أيضاً عدم إشراف أخصائيين على تلك الإعلانات واستخدام خبراتهم في التصميم والإخراج لتليها الرقابة المحتدة دائماً، والتي تعمد إلى تفريغ الإعلان من محتواه دون التفكير بما سيلحق من أذى لعقل المشاهد، ولا نقصد هنا إخراج الإعلان عن “الصراط المستقيم”، إنما هناك أساسيات يجب التطرق لها لتعطي للفكرة كمالها دون نقصان.
قد تقوم المؤسسة العربية للإعلان بإنتاج عدد من الإعلانات وتعرض على القنوات السورية غالباً، ومعظمها لا يرتقي لأن يعرض، ولا تعبر عن المنتج وتقدم بسذاجة واضحة تؤدي إلى مغادرة كم هائل من المشاهدين لما يشعرون به من استخفاف لعقولهم وتفكيرهم وكأنها قناة تحاول معاصرة العصر الحجري.
وفي المواسم التي تزدحم فيها الأعمال الدرامية السورية التي تحمل معظمها قيمة كبيرة، نتسارع بعرض الإعلانات التي تشوه الرؤيا البصرية والفكرية للأعمال، بل ونكثر منها ونختصر كل الصناعات السورية بالعلكة والبسكويت وأدوات الجلي رغم أننا نعلم أنها فرصة جيدة للترويج لصناعاتنا السورية عامة، ولقنواتنا السورية خاصة ولزيادة عدد مشاهديها.
هذا الانحدار الإعلاني أنتج لنا مواد لا يمكن أن تنسى، لا لإبداعها إنما لسوئها، فقد حفرت بذاكرة كل مواطن سوري، “وحتى لا ننشر غسيلنا الوسخ” نستطيع أن نكون أكثر دراية بهذا الاختصاص ونستعين بالشركات التخصصية باختيار التوقيت المناسب للدعاية والوسيلة الأنسب مع ملاءمة الإعلان لمواصفات السلعة، وإذا أعطينا الأكاديميات المختصة حصة أكبر من الاهتمام سنتمكن من استخدام خريجين ذوي خبرة.
ربما مازال الطريق طويلاً أمامنا للتخلص من الانحدار الإعلاني هذا، لكننا قادرون أن نصل في يومٍ ما، عندما نؤمن بفكرة بسيطة جدا وهي أن لكل حرفة مختصيها ولا نعتمد مبدأ “هات أيدك والحقني”.
ريم حسن