منتج تأمين صحي خارجي جديد قيد الدراسة يؤمن كتلة هامة من القطع الأجنبي العش: معايير واشتراطات جديدة لهذه المحفظة قريباً بعد إيقافها حكومياً لسنوات عدة!؟
باتت محفظة التأمين الصحي الخارجي للسوريين المقيمين داخل سورية شبه منجزة، وقريباً سيتم نشرها بمعايير واشتراطات جديدة تنهي ما كان يشوب هذه المحفظة من ملابسات وشكوك واتهامات، وذلك وفق ما أكده مدير عام هيئة الإشراف على التأمين المهندس سامر العش.
هذا أحد الموضوعين اللذين طرحتهما “البعث” مع العش، إضافة لموضوع ثانٍ غاية في الأهمية كونه قد يشكل قناة للقطع الأجنبي من الخارج ترفد بالمحصلة خزينتنا العامة، ومفاده منتج تأمين صحي خارجي خاص بالسوريين المغتربين، شريطة أن يكون العلاج داخل سورية، وقد اقترحنا البدء بمنتج “المعالجة السنية” كخطوة أولى، ليبين العش أن هناك من طرحه عليهم، وأنه حالياً قيد الدراسة تحت إطار ما يسمى “السياحة العلاجية”.
يَجبُّ ما قبله
وبالعودة للموضوع الأول أكد مدير الهيئة أنه في طريقه للحل، وبشكل ومضمون مختلف “يَجبُّ” ما كنا أثرناه سابقاً حول اتهام شركات التأمين الخاص بتهريبها للقطع الصعب تحت مظلة هذه المحفظة، حيث كان المؤمن له فيها يدفع الأقساط بالليرة السورية لشركات التأمين وهو داخل سورية، بينما كانت المطالبات تُدفع له بالدولار، وهذه المطالبات وفقاً لما كان أسر لنا مصدر رقابي تأميني، لم يكن لها سقف، إذ وصلت إحداها – مثلاً – إلى 100 ألف دولار في لبنان..!
كذلك كشف أيضاً أن المؤمّن له سابقاً في هذه المحفظة كان هو نفسه يقوم بتقديم فواتير المطالبات وليس شركات إدارة النفقات الطبية، بينما الصحيح والمفترض أن يتمّ ذلك من خلال شركات إدارة النفقات الطبية نفسها، كونها الأصل والمعنية بهذا العمل والمهمة والمسؤولية.
وفق حدين
هذه المحفظة والتي تمّ إيقافها حكومياً منذ عدة سنوات، بهدف تعديلها وتصحيحها، تحسباً من أن تكون إحدى قنوات استنزاف القطع الأجنبي أو تهريبه، خاصة أن أغلب شركات التأمين العاملة في سوقنا التأمينية لها ما لها من راعٍ وداعم خارجي، هي حالياً، وبعد أن حظيت بعناية هيئة الإشراف، ستستقيم بالمعايير والاشتراطات التي من شأنها أن تضبط ما كان من خلل، إذ ستكون المعالجة بجعل القسط السنوي بالدولار وبحدّ أدنى (مئات من الدولارات سنوياً)، وبالمقابل لن يزيد الحدّ الأعلى للمطالبة عن (عدد من الآلاف من الدولارات)، وبجعل إدارة هذه المطالبات من قبل شركات إدارة نفقات.
معايير حماية
الضوابط والمعايير الجديدة المنتظر الإعلان عنها، ستكون ملزمة لشركات التأمين الصحي وشركات إدارة النفقات الطبية، وعليها التقيّد التام بها، تحت طائلة اتخاذ تدابير وإجراءات تستوجب المساءلة إزاء أية مخالفة لتلك الضوابط والمعايير.
كذلك ستتضمن حماية محفظة التأمين الصحي، من خلال إعادة تأمين مناسبة توافق عليها الهيئة مسبقاً، حيث تزوّد الهيئة بتغطية إعادة التأمين لهذا المنتج، لدراستها ومنح الموافقة عليها، وذلك قبل إصدار أية وثائق تغطيه، كما ستضمن ألا تتجاوز سقوف التغطيات في الخارج أضعافاً محدّدة من الحدّ الأعلى للتغطيات ذاتها في سورية، وبأسعار تأمين تتناسب وتنسجم مع هذه التغطيات.
بالليرة السورية
أما فيما يتعلق بالسداد فقد حدّدت معايير هيئة الإشراف أن يكون سداد المطالبات بالليرة، بطريقة إعادة التسديد للمؤمّن له، من دون أن يتمّ التسديد مباشرة من شركة التأمين لمقدّم الخدمة الطبية الخارجي، وفي المقابل تقوم الشركة بدفع قيمة الفواتير بالليرة، ويتمّ استخدام نشرة سعر الصرف الصادرة عن مصرف سورية المركزي والمعتمدة في شركات التأمين لإجراء تقييم الفواتير بالليرة، وأحد المعايير أكد ضرورة الاعتماد على شركة إدارة نفقات طبية لتدقيق تلك المطالبات، إضافة إلى تدقيق شركة التأمين لها، إذ تتشارك الجهتان هذه المسؤولية، وكانت الهيئة طالبت الشركات المعنية بتقديم بيان ربع سنوي، يتضمن نتائج محفظة التأمين الصحي مفصّلة، بين تأمين صحي داخلي، وتأمين صحي خارجي، وذلك بهدف مراقبة وتقييم نتائج كل منهما على حدة، حيث يقدم هذا البيان من شركات التأمين الخاصة وشركات إدارة النفقات الطبية بالتوازي، موقعاً من قبل مدقق الحسابات ضمن إيضاحات البيانات المالية المرحلية.
تحذير
وأشارت في اشتراطاتها إلى أنه في حال استمرار الخسارة الفنية في محفظة التأمين الصحي بشكل عام (داخلي – خارجي) وتجاوزها نسبة 120% فإن الهيئة ستضطر إلى اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بتخفيضها، مهما بلغت تلك الإجراءات، وذلك حفاظاً منها على سلامة العمل التأميني، محذرة أنه في حال قيام الشركات بإصدار أية عقود تأمين صحي خارجي من دون الأخذ بالمعايير المذكورة، فإن ذلك يعدّ مخالفة تستوجب المساءلة واتخاذ الإجراءات اللازمة.
بكلمة
على عكس وخلاف ما يشاع ويحاول بعضهم الترويج له، نؤكد أن قطاع التأمين عامة قطاع رابح بامتياز، لكن أرباحها لا تزال محط تمويه متعمد، وهذا بالطبع لا يكشف حقيقة الأرقام والأعمال في هذا القطاع، الذي يعتبر في مقدمة القطاعات التي تدعم الدول ولاسيما زمن الأزمات، على حد تأكيد كل خبراء التأمين عالمياً؛ لذلك من المستغرب البطء في تنظيمه، ولعل تأخر إصدار قانون التأمين الجديد دليل على أن هذا القطاع لا يزال مطرحاً خصباً لعديد من الشكوك، التي وصلت لحد الشبهات بوجود فساد وربما أكثر..!؟
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com