ليبيا الدامية بعد ثمانية أعوام
ترجمة: هيفاء علي
عن موقع إفريقيا- آسيا 18/1/2019
كان عام 2018 عاماً صعباً آخر بالنسبة لليبيا التي لم تشهد السلام منذ العدوان الغربي عليها بقيادة الناتو عام 2011. وحالياً بينما يُطبّق وقف إطلاق النار الذي ترعاه الأمم المتحدة في طرابلس، يستمر القتال في جنوب البلاد، مما يعيق الوصول إلى الخدمات الأساسية.
في الوقت عينه، لا تزال ليبيا كرقعة شطرنج دموية للمنافسات بين القوى الغربية، التي تسعى للحصول على حصتها من الغنيمة، حيث تدعم فرنسا وإيطاليا معسكرات مختلفة من الحرب الأهلية الجارية، وتسعى إلى وضع نفسها على أنها “قوة” لا غنى عنها في المنطقة. وفي محاولة لتحقيق هذه الغاية، نظم إيمانويل ماكرون في شهر أيار الماضي مؤتمراً في باريس حول ليبيا لاستبعاد الإيطاليين، بالمقابل عقدت إيطاليا منافسها الرئيسي مؤتمراً مماثلاً في باليرمو بعد ستة أشهر.. إلا أن كليهما باء بالفشل ولم يحققا أي تقدم ملموس بالنسبة لليبيين.
والسؤال هو: هل الكوارث التي لا تزال تعصف بحياة الليبيين بعد مرور سبع سنوات على تدخل الغرب “النبيل” تعكس فشل أو نجاح سياسة الناتو؟ وماذا فعل الغرب منذ خلق الوضع الحالي؟.
الحقيقة هي أن عدوان الناتو على ليبيا عام 2011 لم يكن من أجل حقوق الإنسان، وإنما لإنشاء دولة فاشلة لضمان عدم عودة البلاد كقوة موحدة ومستقلة قادرة على تحدي المخططات الغربية في إفريقيا. ولتحقيق هذه الغاية، عملت القوى الرئيسية في حلف شمال الأطلسي بشكل مستمر على تحرير مئات من الميليشيات المتنافسة في البلاد ودفعها للتناحر ضد بعضها البعض.
وفي عام 2015 بات انتهاء الحرب الأهلية بمتناول اليد بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في كانون الثاني من العام نفسه، حيث وقّع زعماء البرلمانين المتنافسين اتفاقاً بشأن هيكل حكومة وحدة وطنية.
وبعد هذا الاتفاق، وكل الدمار الذي لحق بالبلاد، قرّرت الأمم المتحدة التدخل لحلّ النزاع، وأجرت على مدار أكثر من عام مفاوضاتها الخاصة بشكل منفصل تحت أنظار المسؤولين في صندوق النقد الدولي، وإيطاليا، وأمريكا. لكن بالتأكيد كانت الرعاية لهذه المفاوضات ناتجة عن الخوف من رؤية نشوء مفاوضات بين الليبيين بعيداً عن أعين الغرب الذي دفع باتجاه فرض “الاتفاق”، كما أن هناك حقيقة واضحة أيضاً هي إعطاء دفعة للميليشيات التي كانت تتحرك في كل اتجاه، لتعزيزها ولمنع هزيمتها.
لهذا لم يكن تدخل الغرب في الأزمة الليبية سوى صراع على ثروات هذا البلد، ومحاولة تفكيكه ليسهل افتراسه، وهذا ما ظهر جلياً في الصراع الإيطالي- الفرنسي، إلى جانب الناتو والولايات المتحدة الأمريكية. لقد حان الوقت كي يستأنف الليبيون مفاوضاتهم الخاصة، ويرفضون بشكل قاطع تدخل القوى الأجنبية التي دمرت ولا تزال تدمر بلدهم وتستنزف ثرواتهم وخيراتهم.