فرنسا وألمانيا تمهّدان لتشكيل جيش أوروبي موحّد
أعربت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن أملها في تعزيز التعاون الدفاعي مع فرنسا، والعمل معها على تشكيل جيش أوروبي موحّد، وتنسيق السياسات الخارجية. وقالت ميركل، خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب اجتماعهما لتوقيع معاهدة صداقة جديدة بين البلدين: “نريد المشاركة مع فرنسا في تشكيل جيش أوروبي، ويجب أن ننسق سياستنا الخارجية”، وأضافت: “نريد تعزيز التعاون الدفاعي مع فرنسا وتصدير الأسلحة معاً”.
وكان الرئيس الفرنسي اعتبر أواخر العام الماضي أن أوروبا لن تُحمى ما لم نقرّر أن يكون لنا جيش أوروبي حقيقي، مؤكداً أن عليها أن تقلل من اعتمادها على القوة الأميركية، ولا سيما بعد قرار ترامب الانسحاب من اتفاق للحد من الأسلحة النووية وقّع في الثمانينيات، وأضاف: “علينا أن نحمي أنفسنا تجاه الصين وروسيا وحتى الولايات المتحدة الأميركية”، فيما ردّ عليه ترامب سريعاً، وقال: “هذا مهين جداً، لكن ربما يجب على أوروبا أن تسدّد أولاً مساهمتها في حلف شمال الأطلسي الذي تموّله الولايات المتحدة إلى حد كبير”.
من جانبه، قال ماكرون: “في الوقت الذي تجتاح فيه الحركات القومية أوروبا وفي الوقت الذي نعيش فيه “بريكست” صعباً، يجب على فرنسا وألمانيا أن تؤكدا على وجهتهما واتحادهما”، وأضاف: “وفقاً للمعاهدة الجديدة مع برلين، سيتمّ تعزيز التقارب بين البلدين في المناطق الحدودية”.
وقام الطرفان بالتوقيع على معاهدة “آخن” الجديدة، إذ وقّع من الجانب الفرنسي وزير الخارجية جان إيف لودريان، والرئيس ماكرون، في حين وقّع من الجانب الألماني وزير الخارجية هايكو ماس، والمستشارة الألمانية.
ويرى خبراء أن هذه المعاهدة الجديدة هي لتوطيد العلاقة الفرنسية الألمانية، وتوجيه رسالة دعم لبناء الاتحاد الأوروبي في مواجهة تصاعد النزعات القومية.
ومعاهدة “التعاون والتكامل الفرنسية الألمانية” تأتي استكمالاً لمعاهدة الإليزيه الموقّعة عام 1963 بين الجنرال ديغول وكونراد آديناور، والتي أرست المصالحة بين البلدين بعد الحرب العالمية الثانية.
وتنص الاتفاقية، التي تضمّنت 28 نقطة، على تعزيز التعاون في جميع مجالات السياسة العامة والخارجية والدفاع ومجال الأعمال والمشاريع الاقتصادية والثقافية والتربوية وتطوير الذكاء الاصطناعي.
وسيكون هناك اتفاق على المبادئ التوجيهية فيما يخص التعاون بين القوات المسلحة، وقيام مجالس للدفاع والأمن تجتمع بشكل منتظم من أجل التنسيق المشترك بين البلدين، مع تأييد فرنسي لدعم ألمانيا في الحصول على مقعد دائم بمجلس الأمن.
ومن أجل تنسيق العمل مستقبلاً، سيقوم المجلس المالي والاقتصادي بتطوير منطقة اقتصادية مشتركة ينظر فيها إلى استراتيجيات العمل المشترك، بينها التخفيف من العقبات البيروقراطية التي تعاني منها الشركات في البلد المجاور، وإلى تنسيق البحوث وتقديم توصيات إلى الحكومات للتنسيق عن كثب لتحقيق سياسات اقتصادية مشتركة.
كما سيصار إلى تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين من خلال التنسيق المشترك بين معاهد غوته والمراكز الثقافية الفرنسية للقيام بفعاليات ثقافية بشكل مشترك، والاعتراف بالمؤهلات المدرسية والتعليمية بسهولة أكبر، وخلق الحماسة لدى الآخرين لتعلم لغة البلد المجاور، إضافة إلى تعزيز القدرات والمبادرات بين المواطنين والتوءمة بين المدن.
وسيكون للمعاهدة تأثير ملموس على المناطق الحدودية بين البلدين، مثل ولايات بادن فورتمبرغ وراينلاند بفالس وسارلاند، حيث سيتم إنشاء ما يسمى “مناطق اليورو” لتفويض التعاون بشكل أوثق، ويمكن فيها للأطراف التعامل مع نظامين قانونيين مختلفين، ويمكن أن ينطبق هذا على قطاع التجارة والصحة والبنية التحتية، أي إمدادات الطاقة والمياه وسكك الحديد وشبكة الانترنت في المناطق الحدودية.