أخبارصحيفة البعث

تعريـــــــة الحقائـــــــق

قام الصحفي السويدي والمذيع، يوهان ماتياس، بزيارة سورية في أواخر كانون الأول عام 2018 لرصد أهم التطورات العسكرية عقب الإنجازات العظيمة التي حققها الجيش العربي السوري في حربه ضد الإرهاب المصدّر إلى سورية من كافة أصقاع الأرض، ورصد الاحتفالات بأعياد الميلاد فيها، والتي تميّزت بالبهجة تعبيراً عن الانتصار الكبير على الإرهابيين وداعميهم ومموليهم الغربيين والعرب، وقد نشر تقريره في الصحيفة السويدية الناطقة بالفرنسية “أخبار اليوم” وتضمّن  انطباعات مثيرة للاهتمام في سورية، ورسم صورة مغايرة تماماً لما تتناقله وسائل الإعلام الغربية عن الوضع في سورية منذ أكثر من سبعة أعوام.
وعند تجواله في شوارع دمشق وعدد من الكليات في جامعة دمشق، التقى ماتياس عدداً من الطلاب الجامعيين، نوّهت غالبيتهم إلى انخفاض عدد الشبان نسبة إلى العنصر الأنثوي، ما يشكّل مشكلة كبيرة برأيهم للبلاد، وطلبوا من الدول التي استقبلت عدداً كبيراً من الشباب السوري إبعادهم وإعادتهم إلى سورية للمساهمة في إعادة إعمارها، وهنا تساءل الصحفي: لماذا كان الطلاب متطرّفين في اختيار الكلمات؟ لماذا استخدموا فعل “إبعادهم”؟ الجواب بكل بساطة، لأن النساء الشابات يضطررن الآن  للقيام بأعمال الرجال لسد الثقب الذي خلّفه الذكور في سنهم، وينعكس هذا بالفعل في الحياة اليومية، وها نحن نرى اليوم سائقات تكسي ونادلات في المطاعم، ونساء يعملن في مغسل للسيارات، وربما في المستقبل نراهن يصلحن السيارات، أي يقمن بعمل الميكانيكي، لتأمين متطلبات عوائلهن.
في موجات الهجرة التي شهدتها سورية عام  2015، تبيّن أن 90 % من المهجّرين هم شباب، بشهادة التحليل الموجز للمكتب الاتحادي للهجرة في عام 2016، ومع ذلك لا تتوافق هذه الحقيقة مع التبرير الذي قدّمته الحكومة الألمانية ووسائل إعلامها لفتح الحدود أمام تدفق المهاجرين، حينها ادعت الحكومة الألمانية حرصها على مساعدة النساء والأطفال المهددين بالحرب.
لكن في الواقع تريد حكومات الدول الأوروبية المضيفة إبقاء هؤلاء الشبان السوريين على أراضيها مهما كان الثمن، لأنها بأمسّ الحاجة إليهم كعناصر شابة تفتقر إليها، وعلى وجه الخصوص ألمانيا التي يعاني مجتمعها من الهرم، في حين تفتقر سورية إليهم وهي بحاجة إليهم، لذلك يتعيّن على تلك الدول العمل على تقديم التسهيلات الكافية لعودة هؤلاء الشبان إلى وطنهم، والكف عن التذرّع بالقلق وذرف دموع التماسيح عليهم بدلاً من إبقائهم بالقوة.
هذه الحقائق بالتحديد هي التي تبيّن وجود مشكلة كبيرة أو عدم اتساق في أزمة الهجرة، وكذلك في اتفاقية الهجرة التي كانت موضوع مناقشات مثيرة للجدل للغاية بين الحكومات الأوروبية، لكن الانفتاح الجامح للسياسيين الأوروبيين وإعلامهم الكاذب على الهجرة، إنما شجّع الناس على اتباع ميولهم السيئة بدلاً من الاستجابة للاحتياجات الملحة لبلدهم وعائلاتهم التي تركوها خلفهم.
إعداد: هيفاء علي