المـنـتـج غـيـر المحـلي يغــزو أســواقـنـا دون حسـيب أو رقـيـب والـبـضــــائــــع الرديئــــة تتصـــــدر المحــــال التجاريــــة بعيـــــداً عــــن أعيـــــن الرقابـــــة
يبدو أن فكرة شراء بضائع وطنية لم تعد تستهوي أحداً، بعد أن فقدت هذه البضائع جودتها بعين المواطن، ليجد التجار الفرصة سانحة لاقتناص واستيراد بضائع رديئة ذات سعر رخيص، إذ بات همّ المواطن البحث عن السعر المنخفض بعيداً عن الجودة، بعد أن فقدت منتجاتنا هذه الجودة وحافظت على ارتفاع سعرها، لتغزو هذه البضاعة الرديئة أسواقنا بطرق غير نظامية بعيداً عن أعين حماية المستهلك، فعلى قارعة الطريق وفي المحال التجارية تتصدر البضائع المستوردة الرفوف بشتى أنواعها دون مراعاة للضوابط والمواصفات ليلقي أصحاب الاختصاص اللوم على وزارتي التجارة الداخلية والخارجية لعدم قدرتهم على حماية المنتج المحلي الذي لبى حاجة سوقنا المحلي خلال سنوات الأزمة.
كم دون النوع
تحدث الخبير الاقتصادي محمد كوسا عن مسألة الدخل الذي يحدد مستوى ونوعية وكمية الحاجات الفردية ومنها السلع، فإذا كانت الدخول منخفضة والاحتياجات متعددة للفرد، فلن يهتم الأخير بجودة السلع التي يشتريها، بل بالكمية التي يحتاجها في الحد الأدنى ضمن الميزانية أو الدخل المتاح بين يديه، وبالتالي فإن التاجر عموماً وحتى المنتج يستجيب لما يتطلبه السوق من سلع وهنا الطلب يكون على البضائع الأقل سعراً، دون الأخذ بعين الاعتبار للجودة لذلك السوق سيغرق بالسلع المستوردة المنافسة بتدني أسعارها، ولا ننسى غياب للكثير من المنتجات المحلية، الأمر الذي يدفع باتجاه استيرادها أو دخولها بطرق غير نظامية.
اقتصاد معاق
ووصف كوسا الاقتصاد بـ”المعاق” في أماكن عدة، فالسلع المستوردة تتعرض للاحتكار والتحكم بالسوق من حيتان التجارة وهي تقضي على المنتج المحلي وتهدمه وخاصة في القطاع الزراعي، كذلك الأمر بالنسبة للصناعيين حيث يؤثر استيراد السلع الرديئة على توسيع وتطور الصناعة المحلية لتصل أحياناً إلى إغلاق الكثير من الصناعات، لذلك يجب حماية الصناعة السورية وخاصة الحرفية والعمل على اعتماد سياسة إحلال الواردات من قبل الاقتصاد، مع العلم أن هناك دعماً للصادرات ودعماً للصناعيين، لكن هذا الدعم يحتاج التصويب وأن يعاد النظر به ليحقق غاياته، كذلك اتخاذ حزمة إجراءات وسياسات وقرارات يجب العمل على إنتاجها لكي تحل مشكلة إعادة إقلاع الصناعة والإنتاج المحلي وبالتالي عودة العجلة للدوران.
غياب للرقابة
تهريب البضائع أو استيرادها عبر المنافذ الحدودية لا يحقق عدالة للمنتج المحلي، برأي أكرم الحلاق عضو مجلس إدارة في غرفة الصناعة بدمشق وريفها، إذ إن جميع المنتجات المحلية تخضع لرقابة داخلية صارمة من مديريات حماية المستهلك، أما المهربة والمستوردة لا تخضع لذات الرقابة ومعظمها لا يطابق المواصفات القياسية السورية، الأمر الذي يلغي التنافسية مع الصناعة الوطنية، ومن ناحية أخرى فإن معظم المنتجات المستوردة والمهربة لها بدائل إنتاج صناعي محلي ومتوفرة، لكن رخص سعرها يدعو التجار لشرائها أو إدخالها بشكل غير شرعي عبر المنافذ لجني الأرباح رغم رداءة جودتها، ونوّه الحلاق إلى غياب الرقابة الصارمة عن دخول مثل هذه البضائع وعدم وجود فواتير نظامية لها، داعياً إلى كبح هذه الظاهرة حفاظاً على المنتج المحلي، وتحث الحلاق عن التأثير المباشر لتهريب واستيراد البضائع دون أدنى مسؤولية من قبل الجهات المعنية الأمر الذي أدى إلى خسارة الكثير من المعامل المحلية وإغلاقها لانعدام العدالة والتنافسية بين منتجنا والمنتج المهرّب.
توعية فقط..!
وأكد الحلاق أن هذه الظاهرة ازدادت بعد انتهاء الأزمة وعودة الكثير من المصانع للإنتاج ، فعلى الرغم من قدرة مصانعنا على تغطية حاجة السوق خلال الأزمة وزيادة إنتاجها اليوم للدخول في مجال تصدير الإنتاج، إلّا أن صناعتنا اليوم تتعرض لهز كيانها لوجود مثل هذه البدائل في الأسواق، ويقتصر دور غرفة الصناعة بدمشق وريفها على توعية ومراسلة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ووزارة الاقتصاد وجميع الأدوات الفاعلة في الحكومة لمنع دخول بضائع لها بديل محلي، لكن المشكلة تكمن في السيطرة على المنافذ الحدودية، لتقع المسؤولية هنا على وزارة التجارة الخارجية التي يجب أن تتوقف عن منح إجازات استيراد للبضائع الموجودة والمنتجة محلياً مثل الزيوت المعدنية والمحارم وغيرها من الصناعات.
ميس بركات