جدران المدارس الرسمية لوحات إعلانية مجانية لـ”الخاصة “!! المنع على الورق والمديرون “لاحس ولا خبر” ومهتمون يطالبون برسائل تربوية ووطنية
لم يكفِ المعلنون وشركات الدعاية وأصحاب المصالح والمهن الحرة استغلال الشوارع والأبنية وأعمدة الكهرباء والأزقة، لتصل تعدياتهم إلى جدران المدارس دون رادع أو ملاحقة من الجهات المعنية وخاصة التربوية، وما زاد الطين بلة إعلانات المدارس والمعاهد الخاصة التي وجدت ضالتها في جدران المدارس الحكومية بشكل مجاني دون رقابة وبمعرفة مديري تلك المدارس مقابل هدايا أو مبالغ مالية حسب ما نمي إلينا من بعض المعلنين، إلا أن متابعين للشأن التربوي لم يتفقوا مع هذا الرأي معتبرين أن الموضوع ليس إلا إهمالاً وتقصيراً في المتابعة من مديري المدارس ما شكل تشوهاً لمظهر المدارس مع انتشار الظاهرة العشوائية التي تعتبر سلوكاً غير حضاري يتنافى مع تعليمات وقرارات وزارة التربية التي تؤكد على إزالة جميع الإعلانات على جدران المدارس، لكنها لم تجد صدىً عند مديريات التربية ومجمعاتها ومدارسها لتبقى القرارات على الورق وبقيت الإعلانات على الجدران.
ظاهرة مستفحلة
ويوضح تربويون أن الظاهرة تنتشر في الأرياف أكثر من المدينة وكذلك في المناطق الشعبية دون قيد بأي نوع من التعليمات والأنظمة التربوية.
ومع متابعة وتقصي “البعث” لهذه الظاهرة ولاسيما بعد مرور شهر من صدور تعميم وزارة التربية على مديرياتها والتي تطلب الالتزام بتدريس المناهج المقررة في الوزارة وملاحقة من يقوم بطباعة “النوت” قانونياً لمخالفته قانون الملكية الفكرية ومنع استخدام جدران المدارس لنشر الإعلانات، إلا أن من يسير في شوارع أغلب مناطق ومدن ريف دمشق يشاهد إعلانات المدارس والمعاهد الخاصة تلون الجدران حتى أن بعض المدارس الخاصة لم يعجبها الكتابة فقط، بل أحضرت لوحات معدنية على طول جدار المدرسة لكي يكون بارزاً بكتابته ويشرح الإعلان لما تقدمه المدرسة الخاصة من ميزات وتفخيم بالكادر التدريسي الموجود لديها، إضافة إلى كتابات من نوع آخر بألوان مختلفة تستغل وتصطاد تلك المعاهد الخاصة بالمياه العكرة، حيث تحاول استقطاب الطلبة من خلال الإعلان عن دورات تقوية حول المناهج المطورة مع شرح إثرائي لهذه المناهج غير آبهين بأي قرار أو تعميم تربوي متجاوزين الخطوط الحمراء التعليمية التي يفترض أن تكون ضامنة وحامية لحرمة الجدران المدرسية الواجب تزينها برسومات تحثّ على التعليم وتشجع عليه، أو رسومات وتوضيحات بعض دروس المناهج.
رسومات تربوية
وحسب رأي الكثيرين فإن هذه المبادرة تهدف إلى تبسيط وشرح المناهج بشكل عملي وخاصة مع مشاركة التلاميذ وإبراز المواهب الفنية لديهم، كما أنها تهدف إلى تجميل شكل أسوار المدارس بما يفيد العملية التعليمية. ليأتي رأي وزارة التربية متفقاً مع هذا الاقتراح وعلى لسان مدير التوجيه مثنى خضور الذي حبذ استخدام هذه الجدران للإعلان عن رسائل تربوية أو فنية من خلال فريق تربوي العامل في المدرسة بالتعاون مع الطلبة.
ولفت التربويون إلى إمكانية رسم مناظر طبيعية وسياحية وآثارية والتعريف بها بشكل مختصر، أو رسم بعض أنواع الرياضة التي يمكن ممارستها في المدرسة، أو نصائح وإرشادات توعية وخاصة لمخاطر آفة المخدرات وغيرها من الآفات ومضار التدخين التي تستهدف جيل الشباب إضافة إلى تعليمات طبية وصحية عامة، تساعد على نشر الوعي الصحي بين الطلاب وعامة الناس.
ويؤكد التربويون أن تزيين جدران المدارس بتلك المناظر الجميلة والرسومات، علماً أن هناك مدارس طبقتها وخرجت بأجمل حلة لاسيما الزخرفات والفسيفساء، إضافة إلى كتابة النصائح التي تجعل التلميذ يحب مدرسته ويتفاخر بها خلافاً لما كان يشاهده من إعلانات لمعاهد خاصة تسوق لنفسها وكأنها طريق نجاح الطالب وبوابة العبور إلى التفوق كما يدعي أصحاب تلك المعاهد الخاصة.
للمدرسة هيبتها
وتؤكد وزارة التربية أن المدرسة لها هيبتها ومكانتها لدى المجتمع كونها منبراً تربوياً وثقافياً يساهم في نشأة المجتمعات وتكوينها، حيث أكد مدير التوجيه على الحفاظ عليها ومنع التشويش والخروقات والتجاوزات التي تسيء إليها، مشيراً إلى المساهمة في النشأة الصحيحة والنظرة المثالية لهذا المكان، ما يؤثر سلباً على سير العملية التربوية ويشوش على الطلبة من حيث النظرة الدونية للمدرسة الحكومية، وحمل خضور إدارة المدرسة في المرتبة الأولى مسؤولية متابعة هذه الخروقات من حيث التواصل مع دائرة التعليم الخاص في مديريات التربية والتي بدورها تتواصل مع المدارس الخاصة المعلنة على الجدران لإزالة هذه الإعلانات وتنظيم إعلاناتهم عبر وزارة الإعلام بشكل لائق وقانوني يسهم في التنافسية الإيجابية بين المنشآت التربوية الحكومية والخاصة والتي تتبع في الأصل إلى وزارة التربية من حيث المتابعة والإدارة.
تعاون مجتمعي
ويثير التساؤل استغراب وجود هذه الإعلانات من قبل أحد مدراء المدارس الذي جزم بعدم دراية أو معرفة من إدارة المدرسة لقرارات أو تعاميم تمنع الإعلانات الخاصة على جدران المدارس. إلا أن مدير تربية ريف دمشق ماهر فرج أكد أنه تم تعميم كتاب الوزارة على جميع المجمعات التربوية والمدارس لاستثمار جدران المدارس لتنفيذ لوحات عن القيم والتسامح والمحبة والوحدة الوطنية في مجتمعنا، منوهاً إلى تعاون المجتمع المحلي والمنظمات الشعبية والجمعيات الأهلية المعنية بالشأن التربوي. وأشار فرج إلى أن مناظر الإعلانات على جدران المدارس مظهر غير حضاري يشوه الرسالة التربوية التي تسعى المؤسسات التربوية إلى تحقيقها.
بالفعل لا بالقول
ومع كل القرارات الصادرة والتأكيدات والكلام التربوي الأنيق يبقى هناك مدارس مازالت جدرانها تمتلئ بإعلانات المعاهد والمدارس الخاصة والصور أصدق أنباء من الكتابة نحتفظ بها لا نريد نشرها كي لا يكسب أصحاب المدارس الخاصة المعلنة إعلاناً مجانياً آخر، ولكن ما ننتظره من وزارة التربية قمع الظاهرة على الواقع لا من خلال الورق والتعميم فلابد من القيام بحملة صبغ وتأهيل جدران المدارس ومحو كل الإعلانات وحتى الكتابات والرسوم “المخلة والبذيئة” ومحاسبة كل من يخالف ذلك أو يعاود كتابة إعلانه على جدار المدرسة الحكومية.
علي حسون