ذراع مشلولة
تفرض ضرورة العمل في مجالس المدن والوحدات الإدارية المحلية – كونها تشكل الذراع الأقوى لعملية النهوض التنموي – وضع آليات ناظمة لعملها التنفيذي والإشرافي والرقابي، والانطلاق نحو العمل الميداني لتسريع وتائر إنجاز المشاريع المقررة، والنهوض بالواقع الخدمي المكمل لمشروع إعادة الإعمار والبناء.
ويبدو أن هذه الذراع في حلب ضعيفة لدرجة الشلل بالنظر إلى الواقع الخدمي غير المرضي خاصة في الأحياء المكتظة والمتضررة، والتي تتفاقم فيها حدة الأزمات الخدمية اليومية، خاصة بما يتعلق بالنظافة ورداءة الطرقات والأرصفة وفوضى التجاوزات والتعديات على الأملاك العامة، وما يتعلق منها أيضاً بقضية الانهيارات المتتالية للأبنية المتضررة والمتصدعة والتي ما زالت تشكل خطراً محدقاً على البسطاء والفقراء.
ويعزو البعض أسباب هذا التقصير والترهل في العمل البلدي والخدمي إلى وجود خلل واضح في العمل التنظيمي والإداري، أدى إلى إضعاف واهتزاز القرار المطلوب اتخاذه لمعالجة الملفات المستعصية والمزمنة، وهو ما انعكس سلباً على نوعية وجودة الأداء، وأدى في المحصلة إلى توظيف الإمكانات والطاقات المتاحة في غير مكانها وزمانها المناسبين.
ما تقدم وفي ضوء انشغال المجلس بأمور ثانوية وهامشية واستمرار البحث عن المزيد من المزايا والمنافع، وما يحكى عن ازداوجية المهام والصلاحيات الممنوحة، والتغاضي عن التجاوزات والأخطاء تنتظر من مجلس المدينة بعد مضي حوالي أربعة أشهر على انتخابه إحداث تغيير حقيقي في مضمون وجوهر العمل وليس في الشكل وحسب، وبما يؤسس إلى آلية جديدة تعود بالنفع والفائدة على الوطن والمواطن، وتسهم في تحسين الواقع الخدمي وتعطي حافزاً ودافعاً للارتقاء بالعمل، وبما يواكب متطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية ضمن مشروع إعادة الإعمار، فالحاجة أكثر من ماسة لتغيير حقيقي في النهج والفكر وليس في أثاث وديكورات المكاتب، والبحث عن أقصر السبل والطرق لتحقيق قفزات نوعية على مستوى الإصلاح الإداري ومحاربة مظاهر الفساد واجتثاث الفاسدين، والارتقاء إلى مستوى التضحيات الكبيرة والجسيمة التي قدمتها هذه المدينة البيضاء في مواجهة الإرهاب.
معن الغادري