مخاوف أمريكا اللاتينية
الأزمة السياسية المفاجئة في فنزويلا لها تداعياتها الكبيرة في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية والعالم، فقد عادت خطوط التقسيم القديمة والجديدة في المنطقة للبروز من جديد منذ أن أعلن خوان غوايدو، رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية، نفسه رئيساً للبلاد بالإنابة، في انقلاب على الرئيس المنتخب نيكولاس مادورو.
في هذه القارة ساندت الولايات المتحدة انقلابات في الستينيات والسبعينيات، وهي الآن تساند هذا الانقلاب، وسارعت لتأييد غوايدو عبر تغريدة لـ دونالد ترامب عبر تويتر، في مقابل ذلك دعمت بوليفيا وكوبا ونيكاراغوا، مع الصين وروسيا وسورية وإيران مادورو، في وقت تبتعد فيه أمريكا اللاتينية عن اشتراكية القرن الحادي والعشرين، أما معظم بلدان أمريكا اللاتينية الأخرى فمازالت تقف في الوسط، مثل أوروغواي والمكسيك، وتجلى موقفها بالدعوة إلى الحوار بين الفرقاء.
انعكست هذه التطورات المتسارعة في الصفحات الأولى للصحف في جميع أنحاء المنطقة، وقد أشارت معظم وسائل الإعلام ذات الميول اليسارية إلى أن إعلان غوايدو توليه السلطة، والتأييد اللاحق من قبل ترامب وبعض رؤساء أمريكا اللاتينية، على أنه محاولة انقلاب، وأن الحوار هو الطريق إلى حل الأزمة، وليس التدخل.
على الطرف الآخر نجد أن مجلة الأعمال الأمريكية “أمريكا إكونومي” أيدت غوايدو في مقال افتتاحي، وفي كولومبيا، انتقدت صحيفة “سبكتور” مادورو، ووصفت ما جرى بأنه هو “خطوة للعودة الدستورية إلى المسار الديمقراطي”، أما وسائل الإعلام في الأوروغواي فقد كانت حذرة، ما يعكس الموقف المحايد للحكومة، فقد كان أحد العناوين الرئيسية في صحيفة “الأوبسيرفادو:” يصعب التغلب عليه”، سلّطت فيه الضوء على اهتمام مادورو باقتراح أوروغواي للحوار.
من الواضح أن بقية القارة سوف تراقب عن كثب، وهذا ما لخصه الفيلسوف التشيلي البرازيلي فلاديمير سافاتل، في مقالته لصحيفة “فولها دي ساو باولو” البرازيلية، بالقول: “في الوقت الحالي، تواجه فنزويلا تدخلاً دولياً. الولايات المتحدة في تدخلاتها ومحاولاتها المتواصلة لزعزعة الوضع في فنزويلا ليست بعيدة عما يحدث في البلد الغني بالنفط، ما يثير قلق بلدان القارة اللاتينية”. وعلى حد تعبير سافاتل، فإن “فرص حدوث كارثة حقيقية ذات أبعاد غير متوقّعة ستكون لها انعكاساتها الخطيرة والهائلة، لعل أسوأها سيكون بلا شك عودة الامبريالية الأمريكية المفتوحة”، في تحذير لا تغيب دلالاته.
عناية ناصر