اقتصادصحيفة البعث

عليها العزف على الوتر النفسي بحق المتاجرين! الجهات الحكومية على محك ابتكار أساليب غير تقليدية لدحض ما يسوق من شائعات

 

تفرض تداعيات الأزمة الحالية على المعنيين فيما لو كانوا بالفعل جادين بحماية المستهلك ابتكار أساليب غير تقليدية للجم تجار الأزمات وإقصائهم عن الأسواق والتلاعب بقوت المستهلك، كأن يُسخّرون الإعلام لهذه المهمة بشكل يساهم بالشد من أزر المستهلك لمقاطعة السلع والمواد الجانحة عن أدبيات السوق والمنطق التجاري، أو أن يدلى وزير الاقتصاد – على سبيل المثال لا الحصر- بتصريح يهدد فيه المحتكرين بإغلاق سجلاتهم التجارية وسحب إجازات استيرادهم للمواد المحتكرة، ومنع استيراد المواد الخام للمواد المصنعة محلياً إذا ما استمروا بتكديس مخازنهم، والإفراج عن محتويتها حسب الرغبة وبما يتوافق مع أطماعهم، وكذلك يمكن اتباع سياسة الدعاية المضادة لكل سلعة تجنح بأسعارها عن منطق السوق، ونشر دراسات تثبت عدم مطابقتها للمواصفات المطلوبة، فلو أطل أحد حماة المستهلك عبر الإعلام وشكك بنوعية أصناف المتة – مثلاً – التي تفقد من أسواقنا بين الفينة والأخرى، وأشار إلى أنها منعت من التداول بالأسواق بحجة أنها تحوي مواد لها آثار جانبية على صحة المستهلك، لما استغل تجارها تهافت المستهلكين عليها ليرفعوا سعرها كيفما يشاؤون..!

تلويح بالعقوبة
وهذا الأمر ينسحب أيضاً لمعالجة أزمة الخبز التي نعيشها، وما تشهده أفراننا من طوابير تنذر للوهلة الأولى بخطر محدق يطال الرغيف، ليهرع كل مواطن إلى تخزين كميات كبيرة منها، وتكديسها شأنها شأن بقية المواد القابلة للتخزين، ناهيك عن الانتشار الواسع لظاهرة بيع الخبز على قارعة الطرقات بأسعار ناهزت الـ 150 ليرة للربطة الواحدة، وزيادة بالابتزاز يلجأ الباعة إلى وضع ربطتين في الكيس الواحد لإجبار المستهلك لدفع مبلغ 300 ليرة سورية، وهذا يساهم بتأجيج العامل النفسي لدى المستهلك، ما يتطلب القيام بحملة رسمية تقوم بها الجهات المعنية توضح خطورة تخزين مادة الخبز وتأثيرها على الصحة، وبإنزال أشد العقوبات لمن يبيعها بسعر يتجاوز الـ100 ليرة للربطة الواحدة خارج طوابير الأفران، ولا نجد أي ضير بالمبالغة بأي أسلوب بهذا المجال حرصاً على توافر المادة في الأسواق بشكل مستمر.
فل الحديد بالحديد
ربما يستنكر البعض هذه الأساليب ويعتبرها جانحة عن الصواب، ولكن على اعتبار أن معظم أزمة الأسعار الحالية نفسية، فلا ضير أن تكون مواجهتها نفسية أيضاً، فمصلحة 23 مليون مستهلك أهم من مصلحة ثلة ربما لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد الواحدة لا تهمهم سوى مصلحتهم الخاصة، ولاسيما أن التأكيدات الحكومية ممثلة بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تصب باتجاه أن الخبز خط أحمر، ولا يمكن بأي حالة من الأحوال أن يتعرض لأي أزمة كانت، ولقد أثبتت التجربة على مدى عقود طويلة صدق سلطتنا التنفيذية وجديتها بهذا الخصوص بأن يكون الرغيف بمنأى عن الأزمات، وإن وجدت فإنها تكون بحدودها الدنيا.

لابد من الوعي
تتطلب المرحلة الحالية مزيداً من الوعي وعدم الالتفات إلى ما يروجه تجار الأزمات من شائعات تغذي جشعهم وأطماعهم، بغض النظر عن أي اعتبار آخر، وما أزمة الخبز إلا إحدى الأزمات المفتعلة من قبلهم، بدليل أنه يمكن لأي مواطن الحصول على ما يشاء من هذه المادة من السوق السوداء إن صح التعبير ولكن بسعر مضاعف؛ ما يعني أنها متوافرة ويتم الحصول عليها بأساليب وطرق غير شرعية للتحكم بأهم مادة أساسية لقوت المستهلك.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com