مظاهرات حاشدة في كراكاس تأييداً للرئيس مادورو
شهدت كراكاس مظاهرات حاشدة تأييداً للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وتنديداً بالتدخلات الأمريكية والخارجية بشؤون فنزويلا، فيما أكد وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو لوبيز أنه لا يوجد سوى رئيس شرعي واحد لجمهورية فنزويلا البوليفارية وهو مادورو، وقال: “نؤكد ولاءنا للوطن ولمبادئنا الديمقراطية الثورية والدستور ورئيسنا”، مضيفاً: “لا يوجد سوى رئيس شرعي واحد لجمهورية فنزويلا البوليفارية، وهو القائد الأعلى للقوات المسلّحة نيكولاس مادورو”، ودعا لوبيز القوات للدفاع عن بلادهم تماشياً مع قسمهم.
إلى ذلك خرجت حشود من المواطنين الفنزويليين إلى شوارع العاصمة كراكاس تعبيراً عن تأييدهم للرئيس مادورو، وانتشر المشاركون في المسيرة في شوارع العاصمة، بدعوة من قطاع عمال النفط الفنزويليين، من أجل دعم الرئيس الشرعي للبلاد، واحتجاجاً على سياسات التدخل الأمريكية في شؤون فنزويلا والعقوبات التي فرضتها واشنطن على شركة النفط الفنزويلية، وحمل المشاركون صوراً للرئيس مادورو وعلم فنزويلا الوطني.
وتتعرّض فنزويلا لمحاولات التدخل الأمريكي في شؤونها الداخلية وزعزعة استقرارها عبر معارضتها اليمينية، في محاولة مستميتة من واشنطن لإحياء مخططاتها للهيمنة على هذا البلد، الذي يمتلك ثروات نفطية هائلة، والانقلاب على الرئيس الشرعي مادورو باستخدام جميع الوسائل بما فيها العنف والفوضى.
دولياً، عبّرت الخارجية الروسية على لسان المتحدّثة باسمها ماريا زاخاروفا عن القلق من إمكانية اندلاع نزاع عسكري واسع النطاق في فنزويلا، مؤكدة أن الطريق إلى حل الأزمة الفنزويلية يمر عبر تنظيم حوار داخلي شامل، ومعربة في الوقت ذاته عن استعداد موسكو للانخراط في آلية وساطة تقبلها الأطراف الفنزويلية من أجل تسوية أزمة بلادها. وأكدت زاخاروفا ترحيب روسيا باستعداد الرئيس الفنزويلي للتعاون مع جهود الوساطة الدولية، داعية المجتمع الدولي إلى تقييم تبعات العقوبات النفطية الأمريكية ضد فنزويلا، لأن حزمة العقوبات هذه تمثل طريقاً مباشراً إلى كارثة بيئية، من شأنها إلحاق أضرار فادحة بتنمية دول المنطقة.
وقد جددت زاخاروفا دعم روسيا لكراكاس الهادف إلى الحفاظ على الدولة الفنزويلية، التي تتعرض لتدخل خارجي هدفه تأجيج أزمة داخلية، مرحّبة برفض عدد من دول أمريكا اللاتينية الانصياع لنهج واشنطن العدواني تجاه فنزويلا الساعي إلى منع المعارضة الفنزويلية من محاورة الحكومة، الأمر الذي يحول دون التوصل إلى حل داخلي للأزمة.
كما أعرب فلاديمير زيمسكي سفير روسيا في فنزويلا عن قناعته بأنه لا يمكن وصف الوضع الحالي في فنزويلا بأنه “قوة مزدوجة” لأن زعيم المعارضة خوان غوايدو لا يتمتع بأي سلطات حقيقية، وقال: “من وجهة نظري كل المؤشرات التي تدل على وجود قوة مزدوجة ليست جدية لأن غوايدو ليست لديه أي سلطة”، مشيراً إلى وجود محاولات من أجل تجريد حكومة الرئيس نيكولاس مادورو من سلطاتها، لكن حتى الآن الأمر لا يتعدى الضغط النفسي.
وكان خوان غوايدو زعيم المعارضة الفنزويلية ورئيس البرلمان أعلن انقلاباً على السلطة الشرعية في البلاد وتنصيب نفسه رئيساً مؤقتاً في الـ23 من كانون الثاني الجاري، وهي خطوة رفضتها الدول الداعمة للديمقراطية وحرية الشعوب، واعتبرتها انقلاباً على الشرعية، بينما باركتها العديد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تسعى دائماً إلى زعزعة الاستقرار داخل فنزويلا والتدخل بشؤونها الداخلية.
يشار إلى أن واشنطن منحت غوايدو تفويضاً غير شرعي للسيطرة على أصول معينة بحوزة بنك نيويورك الاحتياطي الاتحادي أو أي بنوك أخرى تضمنها واشنطن، وذلك استكمالاً لفصول تدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية لفنزويلا.
وفي الأثناء، أعلن الاتحاد الافريقي الذي يضم 55 دولة دعمه للرئيس الشرعي مادورو، وقالت وزارة الخارجية الفنزويلية في تغريدة على صفحتها في موقع تويتر: إن نائب رئيس الاتحاد الافريقي توماس كويزي كوارتي عبّر لسفير فنزويلا لدى إثيوبيا موديستو رويس أثناء لقائهما في أديس أبابا عن تضامن منظمته “مع شعب فنزويلا ودعمه للرئيس الدستوري نيكولاس مادورو”.
من جهته المحلل السياسي الكوبي ايريك سبلينتر اعتبر أن ما تتعرّض له فنزويلا هو نتيجة الدور الذي لعبته في أميركا اللاتينية، وقال: إن ترامب يحتاج إلى رفع منسوب شعبيته من خلال قضية فنزويلا بعد فشله في أماكن كثيرة، واعتبر أن المصالح الجيوسياسية هي التي تتحكم برؤية أميركا بغض النظر عن الحكومة التي تحكم البلاد، ورأى أن المعارضة الفنزويلية تعاني من الفراغ السياسي، وأن روسيا تلعب دوراً سياسياً ودبلوماسياً مهماً جداً، وهو محط تقدير السلطات في فنزويلا، مشدداً على أنه كما انتصرت سورية ستنتصر فنزويلا بدعم من جميع أصدقائها الأحرار في العالم.
يأتي ذلك فيما كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن السلطات الأمريكية أعدّت قبل أسابيع “خطة سرية” لقلب نظام الحكم في فنزويلا، موضحة أن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس اتصل هاتفياً بزعيم المعارضة اليمينية المتطرفة خوان غوايدو ليلة الثالث والعشرين من الشهر الجاري ووعده بتقديم واشنطن كل الدعم له إذا أعلن نفسه رئيساً مؤقتاً للبلاد وأملى عليه خطة التحرّك، وأكدت أن الوعود التي قطعها بنس هي التي أطلقت الخطة، فبعد المحادثة مباشرة قال المصدر لصحيفة وول ستريت جورنال: إن غوايدو أعلن نفسه رئيساً مؤقتاً لفنزويلا، وبعد دقائق فقط على ذلك أعلنت الولايات المتحدة وكندا والبرازيل وعدة بلدان أخرى موالية لواشنطن اعترافها به رئيساً لفنزويلا.
وهذا ما يتقاطع مع إعلان ترامب نفسه في آب 2017 أن الخيار العسكري “مطروح للتعامل مع فنزويلا”، مدّعياً أن “الناس هناك يعانون ويموتون ولدينا العديد من الخيارات لفنزويلا بما في ذلك إذا لزم الأمر الحل العسكري”.
ورغم التحذيرات المتكررة لترامب من مغبّة التدخل العسكري في فنزويلا، غير أن الأخير لا تزال تنازعه حاجته لإحراز نصر في أي مكان للمغامرة بحرب لا تختلف كثيراً عن الحروب التي خاضتها واشنطن في فيتنام وأفغانستان والعراق.