اقتصادصحيفة البعث

بانتظار ما سيفعله “المركزي”..!

ها هو سعر الصرف يعود مجدداً ليفرض نفسه على أحاديث السوريين اليومية خاصة أصحاب الدخل المتدني الذين لم يعد يحتمل دخلهم أدنى ارتداد ناجم عن ارتفاع الأسعار، في وقت ترنو به الأبصار إلى ما قد يقدم عليه المصرف المركزي تجاه ما تشهده الليرة السورية من انخفاض ربما هو الأول من نوعه على مدى عامين ونيف..!

ويفسح النأي الرسمي عن توضيح ما يكتنف سعر الصرف من تذبذبات –كالعادة- المجال واسعاً لتأويلات وتحليلات سواء على المستوى الشعبي أم على نظيره الأكاديمي، لكن انخفاض سعر صرف الليرة هذه المرة متجاوزاً حاجز 535 أمس، أوجد حالة من “العجز” لجهة توضيح العوامل الضاغطة لانخفاض القوة الشرائية لليرة..!

وتشير التجارب السابقة لمثل هذه الهزات التي يتعرض لها سعر الصرف وانعكاسها السلبي على ارتفاع الأسعار، إلى أن الأخيرة لن تهبط بسهولة في حال ارتفع سعر الصرف لصالح الليرة، فكثير من السلع تم تثبيتها على سعر صرف تجاوز في فترة من الفترات حاجز الـ550، ولم تنخفض عندما انخفض سعر الصرف إلى ما دون الـ400 ليرة، وبالتالي إذا لم تتحرك الحكومة ممثلة بالمصرف المركزي لوضع حد لما يحدث في سوق الصرافة، فإن المواطن سيكون على موعد للنزول أكثر، فدخله لم يعد يكفيه لتأمين المواد المدعومة ولاسيما حوامل الطاقة المنسابة بطريقة أو بأخرى إلى السوق السوداء..!

ففي غمرة التحليلات والتأويلات الراشحة بهذا الخصوص نجد أن أغلبها يتقاطع عند المتاجرين بسعر الصرف بغية جني أرباح في مرحلة لاحقة على حساب قوت نحو 23 مليون سوري، وبالتالي فإن ملاحقة هؤلاء مهما كبر شأنهم تعتبر مهمة وطنية اقتصادية بامتياز، وإذا لم يتم اتخاذ أية إجراءات حاسمة وعاجلة بهذا الاتجاه فيخشى اتساع قاعدة الفقر المدقع لصالح ثلة من أرباب الثراء الفاحش..!

ونحن إذ نتحدث بهذا الخصوص فإننا لا نغفل بكل تأكيد أننا في أشد مراحل الأزمة صعوبة، نتيجة تكالب العقوبات الاقتصادية وما ينجم عنها من ارتدادات تصب بهذا الاتجاه، وهذا يحتم مضاعفة الجهود الحكومية للتخفيف من أثرها..!

ربما يمكن تفهم التزام مصرف سورية المركزي لحالة الصمت تجاه ما يحدث، ونردها لاعتبارات قد تتعلق بترك السوق يضبط نفسه بنفسه، أو للتشخيص الدقيق لما أصاب سعر الصرف بغية اتخاذ الإجراء المناسب للمعالجة، أو ربما لغير ذلك من الأسباب، ولكن مهما كان السبب فإن سرعة المعالجة المدروسة باتت تفرض نفسها بغية بقاء سعر الصرف تحت السيطرة..!

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com