فنزويلا تراجع علاقاتها مع حكومات أوروبية: لن نرضخ للضغوط
أعلنت الحكومة الفنزويلية أنها ستقوم بمراجعة شاملة لعلاقاتها الثنائية مع كل دول الاتحاد الأوروبي، التي اعترفت بزعيم المعارضة في فنزويلا، خوان غوايدو، رئيساً للبلاد.
وتتعرّض فنزويلا لمحاولات التدخل الأمريكي في شؤونها الداخلية وزعزعة استقرارها عبر دعم القوى اليمينية في محاولة مستميتة من واشنطن لإحياء مخططاتها للهيمنة على هذا البلد، الذي يمتلك ثروات نفطية هائلة والانقلاب على الرئيس الشرعي نيكولاس مادورو باستخدام جميع الوسائل بما فيها العنف والفوضى.
وقالت وزارة الخارجية الفنزويلية في بيان: إن حكومة البلاد “تعرب عن رفضها القاطع للقرار الذي اتخذته حكومات أوروبية، وخضعت فيه رسمياً لاستراتيجية إدارة الولايات المتحدة الخاصة بإسقاط الحكم الشرعي للرئيس نيكولاس مادورو”، وأضافت: “ستقوم حكومة جمهورية فنزويلا البوليفارية بمراجعة علاقاتها الثنائية مع هذه البلدان بصورة شاملة واعتباراً من اللحظة الحالية”.
إلى ذلك أعلنت مصادر دبلوماسية أن ايطاليا منعت صدور بيان من الاتحاد الأوروبي يقول: “إن الدول الأعضاء في الاتحاد ستعترف بـ غوايدو رئيساً مؤقتاً”.
وجاء قرار التدخل الفاضح بشؤون فنزويلا الداخلية بالاعتراف بغوايدو رئيساً انتقالياً من 14 دولة أوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والسويد والبرتغال والنمسا وهولندا والدنمارك والتشيك وبولندا وإستونيا وليتوانيا ولاتفيا وفنلندا.
وكان نائب رئيس الوزراء الإيطالي لويجي دي مايو، أكد قبل أيام رفض حكومة بلاده الاعتراف بـ غوايدو، وقال خلال جلسة لمجلس النواب الايطالي: “لا نريد أن نصل إلى درجة الاعتراف بشخص لم يصوّت عليه الشعب كرئيس”.
وفي وقت سابق، رفض الرئيس مادورو مهلة كانت حدّدتها دول أوروبية من أجل الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية في فنزويلا، مؤكداً أن بلاده لا يمكن أن تقبل لغة الإنذارات، وقال: إنه لن “يخضع في مواجهة الضغوط الخارجية”، متسائلاً: “هل يحق للاتحاد الأوروبي أن يقول لبلد أجرى انتخابات: إن عليه إعادة الانتخابات الرئاسية لأن حلفاءه اليمينيين لم يفوزوا”؟!، وأضاف: إنهم “يحاولون الضغط علينا بمهل لإجبارنا على الوصول إلى وضعية مواجهة شديدة”.
وكان مادورو أعلن سابقاً عن استعداده لدعم مبادرة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في البلاد، مشدّداً في الوقت نفسه على استعداده لحماية السيادة الشعبية والدستور وحقوق فنزويلا بحزم.
وعبّر مادورو عن تأييده لاجتماع مجموعة الاتصال التي شكّلتها دول أوروبية وأميركية جنوبية، والتي سيلتقي ممثلوها في عاصمة الأوروغواي مونتيفيدو الخميس المقبل، معتبراً أن هذه المبادرة “ستتيح الجلوس على طاولة المفاوضات من أجل حوار بين الفنزويليين لتسوية خلافاتنا، وإعداد خطة، وإيجاد مخرج من شأنه حل المشكلات في فنزويلا”. وخاطب مادورو جنوده المشاركين في تدريبات عسكرية على الساحل الشمالي الشرقي للبلاد، داعياً إيّاهم إلى أقصى التلاحم، وقال: إن المعارضة اليمينية “تريد تفتيت البلاد وتسليمها للولايات المتحدة وللأثرياء النافذين في فنزويلا”.
بدوره، أكد وزير الخارجية الفنزويلي خورخي أرياسا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته هم من يقف خلف الانقلاب الذي يروّج له اليمين في فنزويلا، وقال في تغريدة له على موقع تويتر: إن “الرئيس الأمريكي يهدد مرة أخرى باستخدام القوة العسكرية ضد فنزويلا في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة”، موضحاً أن المعارضة اليمينية في بلاده تسير بأوامر وتحريض من ترامب.
وكانت ديلسي رودريغيز نائب الرئيس الفنزويلي، وفي ردّها على تصريحات ترامب حول إمكانية استخدام القوة العسكرية للتدخل في الأزمة السياسية التي تشهدها فنزويلا، أكد أن “الغرض الحقيقي من وراء هذه التصريحات والتصرفات هو الرغبة في السيطرة على موارد فنزويلا الغنية”.
وكانت ست دول من الاتحاد الأوروبي، هي إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وهولندا والبرتغال، طرحت، وفي تناغم مع موقف الولايات المتحدة، “مهلة” للرئيس مادورو من أجل الدعوة إلى انتخابات رئاسية، وإلا فإنها ستعترف بالمعارض اليميني خوان غوايدو رئيساً بالوكالة، في حين تؤكد روسيا والصين وغيرهما من الدول في العالم تمسّكها بشرعية الرئيس الحالي مادورو وحل الأزمة سلمياً عبر الحوار الوطني الشامل دون أي تدخل خارجي.
وفي هذا السياق، أكد الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أن محاولات بعض دول الغرب شرعنة اغتصاب السلطة في فنزويلا تمثّل تدخلاً واضحاً في الشؤون الداخلية لهذا البلد، وقال في تصريحات صحفية تعليقاً على اعتراف بعض الدول الأوروبية بغوايدو رئيساً لفنزويلا: “إن أي حل للأزمة السياسية الداخلية في فنزويلا لا يمكن أن يأتي إلا على يد الفنزويليين أنفسهم.. وأي محاولة لفرض حلول أو شرعنة محاولة اغتصاب السلطة تمثّل برأينا تدخلاً مباشراً وغير مباشر في شؤون فنزويلا الداخلية”، وأضاف: “إن هذه المساعي لا تساعد بأي شكل من الأشكال في إيجاد تسوية سلمية فاعلة وقابلة للحياة للأزمة التي يعانيها الفنزويليون والتي نعتقد أن عليهم تجاوزها بأنفسهم”.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تصريحات الرئيس الأمريكي حول إمكانية التدخل العسكري في فنزويلا أنها تخدم تقويض أسس القانون الدولي، وأكد، في كلمة ألقاها في الجامعة الروسية في بيشكيك عاصمة قرغيزستان أمس، حرص موسكو على صون القانون الدولي وتأييدها مساعي التسوية السلمية لأزمة فنزويلا، وقال: “سنواصل الدفاع عن القانون الدولي وتأييد المبادرات التي تتقدّم بها بعض دول أمريكا اللاتينية، كالمكسيك والأوروغواي، والتي تهدف إلى تهيئة الظروف لإطلاق الحوار الوطني الشامل بمشاركة جميع القوى السياسية الفنزويلية”.
يأتي ذلك فيما أعلنت الحكومة الكندية منع قناة “تيلي سور” الحكومية الفنزويلية من تغطية اجتماع مجموعة “ليما”.
وكتبت رئيسة قناة “تيلي سور” باتريسيا فيليغاس على تويتر: إن “الذين يدّعون حرصهم على الحرية يثبتون من خلال هذا الموقف كم يجهلون المعنى الحقيقي لها”، وأضافت: “تيلي سور لن تتنازل عن حقها في نقل الخبر وتغطية ما يحصل”.