“في حضرة الكارثة”
أرقام مهولة وصادمة كشف عنها تقرير الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية حول واقع الأبنية المتضررة جزئياً وكلياً والآيلة للسقوط في حلب.
ويوضح التقرير الذي أرسلت نسخة منه إلى وزارة الإدارة المحلية عن طريق مجلس المدينة أن ما يقارب «9912» بناء طابقياً، وبما يعادل 80 ألف شقة سكنية غير مستوفية لشروط السلامة العامة تشكل خطراً داهماً على أكثر من أربعة آلاف عائلة تسكن المباني المعرضة للانهيار في أي لحظة.
وبعيداً عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة لتصدع هذه الأبنية لناحية قدمها وتأثرها بالعوامل المناخية وغيرها من تسرب المياه والتخريب الحاصل في شبكات الصرف الصحي جراء الأعمال الارهابية للعصابات المسلحة التي كانت فيما مضى تسيطر على هذه الأحياء والمناطق قبل تحريرها، يضاف إليها مجموعة المخالفات والتجاوزات القانونية والإنشائية التي تشهدها هذه المناطق السكنية العشوائية سابقاً وحالياً، يتضح جلياً أن حلب تواجه أزمة وكارثة حقيقية تستدعي إعلان حالة الطوارئ واستنفار كافة الجهود والإمكانات لدرء خطر هذه الأزمة، والتي بدأت مفاعيلها وتداعياتها ومخاطرها تظهر تباعاً بعد سلسلة الانهيارات المفجعة، والتي كان آخرها انهيار مبنى سكني في حي صلاح الدين قبل أيام قليلة والذي راح ضحيته ( 11 ) شخصاً.
ما نود التأكيد عليه أن هذه الأزمة التي نبهنا إلى خطورة تجاهلها من قبل الجهات المعنية غير مرة، تنذر بكوارث إضافية ومتتالية إن لم تعالج بالشكل المطلوب وبالسرعة القصوى من قبل أهل الاختصاص حصراً بعيداً عن تنظير الاجتماعات وفتوى واجتهادات المخاتير ولجان الإحياء، وإعطاء هذا الملف صفة الأكثر خطورة وضرراً، وإجراء عملية إخلاء فوري لكافة المناطق المأهولة بالسكان، وتأمين أماكن إيواء مؤقتة لهم، لحين اتخاذ إجراءات السلامة العامة.
ونعتقد أن الحاجة أكثر من ماسة إلى تشكيل هيئة عليا، أو إحداث مديرية متخصصة تنوب عن لجنة السلامة العامة والتي أثبتت فشلها في منع تكرار حدوث هذه الكوارث الإنسانية المفجعة، والعمل فوراً على توفير كل الدعم والإمكانيات البشرية والفنية والتقنية لإجلاء هذا الخطر المحدق الذي يخيم شبحه ليلاً ونهاراً على الأهالي، وعلى المدينة بشكل عام.
ختاماً ما خرج عن الاجتماع الطارئ لمجلس المحافظة من توصيات ومقترحات، يضع هذا الملف على الطريق الصحيح والمعالجة الجدية، ولكن يبقى ذلك مشروطاً بمدى جدية العمل الميداني للجان الفنية المشكلة وعمل مجلس المدينة، والمطلوب منه توظيف جهوده وإمكاناته البشرية والفنية لحسم هذا الملف الذي يجب أن يأخذ صفة الاستعجال والأولوية، ومتقدماً بخطوات عن الأعمال التجميلية والكمالية.
معن الغادري