نبيل السمان.. الأسطورة مكمن إلهام
لا يتردد الفنان نبيل السمان في التعبير عن رؤيته الثقافية والفنية عبر الأدوات المتاحة له, فهو جليس مثقف ويمتلك رؤية فكرية تميزه عن عديد الفنانين التشكيليين في سورية، يعمل وفق هذه الرؤية ويبحث في آفاق ما يؤمن به من قناعات ربما يحسبها البعض ذات توجه حزبي محض، إلا أنها أوسع من ذلك المضمار الذي يضيق بالمبدع المشغول سحابة أيامه وسنوات عمره في تطوير خطابه الثقافي الإنساني والجمالي التشكيلي, فلم ينقطع خلال السنوات الصعبة الأخيرة عن نشاطه وحضوره بين التشكيليين المميزين بعطائهم، ومواظبا على تقديم تجربته في معرض فردي أو جماعي مع الآخرين من أقرانه، فقد شهدت صالة جورج كامل في دمشق افتتاح معرضه الأخير الذي ضم بعض نتاجه الجديد الذي خطى خلاله على سيرته المعروفة والمشهود لها بمواضيعه الوطنية والتاريخية الميثيولوجية تضمنتها بعض اللوحات من القياس الكبير بتقنية التصوير، مستخدما ألوان الأكريليك والمواد المساعدة الأخرى، ولا تخلو هذه التقنية من بعض المساحات التجريبية التي تخص الفنان السمان وظهرت في استخدامه الألوان الرمادية والأسود مقاربا روح العمل الغرافيكي، وهو المعروف بالمصور الجوال في عوالم اللون السحرية ودرجاته وقيمه الحارة والباردة والمحب لتلك المتعة الاستعراضية للمصور الملون والمزركش دون الاستغراق في التزيين المباشر كي لا يقع في مطب السطحية والمباشرة، وهذه الحساسية الفاصلة في اللوحة لا يتقنها إلا العارف بلغة اللوحة ومآل ما يهدف إليه من معنى يجتهد الفنان ليجعله قريبا من المتلقي العادي كي يتفاعل معه بسهولة دون عناء وتكلف في وهم التصورات والإحالات التي نراها في اللوحة ذات التوجه الأيديولوجي التعبوي، فقد وظف الفنان السمان الأسطورة في لوحاته وأعاد رسم بعضها وتجسيد دلالتها ببساطة توضيحية، مستحضرا لها صورة متخيلة أو أثرا يحاكي الأبدية.
ربما وقع الفنان في بعض الأعمال في المباشرة الخطابية البصرية وخاصة في تلك الأعمال التي رسم مدينته دمشق، إلا أن عاطفة الفنان الواضحة أنقذته من النقد، إذ لم يجد أجمل من قول الحقيقة حيث تكتمل الصراحة في القول عن ما يحب ويعشق في هذه المدينة التي استحقت النهار وانتصرت للشمس.
أكسم طلاع