تشارلز ديكنز.. الذكريات الخالدة
يحار المرء من أين يبدأ الحديث عن روائي عظيم بقيمته الروائية المذهلة، كالروائي “تشارلز ديكنز”، ذاك الذي تحتاج مؤلفاته في حال تقديمها نقديا، إلى كتب ومجلدات، فالروائي المشهور حتى اللحظة بكونه واحدا من أهم الروائيين في العالم، تحل ذكرى مولده اليوم؛صباح السابع من شهر شباط عام 1812، جاء إلى العالم “تشارلز جون هوفام ديكنز”، لعائلة إنجليزية فقيرة، فالأب موظفا بسيطا، وهو شقيق ل 8 أطفال آخرين، نشأوا بين ألفة الفقر وكآبة الفاقة.
خيم البؤس طويلا على حياته، تلك التي قضاها في الأعمال المضنية لمساعدة العائلة، التي لم تستطع أن تُدخله إلى المدرسة حينها، وبين قبضة الفقر الهائلة الأسى، والعين التي راحت تنظر وتختبر وتحتفظ، بقي نقاء استعادتها لتلك العوالم صافيا كأنه شلال ماء عذب، وهو ينسكب في الأعمال الروائية العظيمة، والتي تربو على ال 12 رواية، عدا عن القصص والمسرحيات والمقالات، والمسلسلات وغيرها،فبعد بداية حياة ثقيلة قضاها في الأعمال المهلكة بالنسبة لطفل، شبّ الفتى، وحصل على عمل في واحدة من الصحف، التي وظفته بأجر منخفض، إلا أن هذا لم يكن يعني الشاب حينها، فمن ذاك المكان، بدأت حياته الأدبية الفعلية، وحينها استطاع الدخول إلى المدرسة، لتبدأ الحياة التي عرفها العالم قبل وجوده تتغير، خصوصا بعد أن شرع ينقل إلى الورق بحرفية بارعة، وبمفارقات ساخرة مرسومة حبكتها بعناية، ثقل الحياة ولؤم طبعها في الشوارع الفقيرة لمدينة الضباب،لندن، تلك التي اختبرها واختبر قسوتها وبردها طويلا، ومن بقادر على وصفها بتلك الدقة، مثل من عاش الحكاية بتفاصيلها، ونقلها فيما بعد إلى الورق،لتبدأ شعبيته ككاتب تبدأ بالانتشار محليا بداية، قبل أن تُترجم أعماله التي ميزت العصر الفيكتوري ووسمته بصفاتها الأدبية، إلى أغلب اللغات، ولتصبح رواياته العديدة: (قصة مدينيتن/أوليفر تويست /ديفيد كوبرفيلد/ مذكرات بيكويك/ المنزل الكئيب-وهي من روائع ما كتب-متجر الفصول القديم وغيرها)، من أهم الروايات العالمية، تلك التي صارت أفلاما وبرامج أطفال ومسرحيات ومسلسلات؛ وكان من أهم سمات أسلوبه الروائي،الدعابة المحبوكة بإتقان والسخرية اللاذعة، عدا عن كون أسلوبه عموما، وجد فيه العديد من الأدباء الذين جاؤوا فيما بعد، ضالتهم في العمل الروائي أو القصصي والمسرحي أيضا. توفي “ديكنز” 1958، وبقيت أعماله التي أنجزتها بإبداع ذاكرته الحافظة، خالدة ما خلد الزمان.
تمّام علي بركات