مشهد درامي.. في غرفة الابنة
أطلّت الأم برأسها من شرفة المطبخ وبدأت تصرخ باسم ابنتها، وجاءها الجواب بصوت خافت مخنوق مهلاً مهلاً يا أمي إنني مع صديقاتي نتبادل الأحاديث. وبعد عدة دقائق عادت الأم للصراخ فصعدت الابنة إلى المنزل، وقبل أن تقرع جرس الباب كانت الأم قد فتحته وانتظرتها.. بماذا كنتِ تتحدثين مع صديقاتك؟ وماذا تثرثرن كل هذا الوقت؟ لم تجِب الابنة واكتفت بتلك النظرة غير المرضية التي رمقت بها أمها.. دخلت غرفتها وهي في مزاج عكِر.. أما تلك الأم المثالية التي تمسح وتغسل وتطبخ فلم تترك للفتاة بالاً ليرتاح وأصرت على ملاحقتها بالكلام والتصرفات التي تزعجها لتعرف ما بها، فما كان من تلك الابنة إلا أن انفجرت كبركان ثائر في وجه أمها.. تلك الأم القوية الصلبة الجبارة، ورفعت بوجهها أصبع الاتهام بأنها أم لا تفهم مشاعرها ولا تعرف ما يدور في بالها، ولا يوم امتلكت قلبها، حتى أنها أم مهملة إلى حد أنها لا تعرف ماذا في برنامجها المدرسي اليومي، فما كان من تلك الأم إلا أنها أدركت بأن تلك الابنة بحاجة لصدر حنون وأذن صاغية أكثر من لقمة طيبة وثوب نظيف.. انتابها الذعر والخوف من ابنتها وعلى ابنتها وفجأة شعرت بأنّها يمكن أن تخسر فلذة كبدها، فهي ترتجف ألما وحرقة، اقتربت الأم منها وضمتها بقوة.. قبّلتها.. مسحت دموعها.. وما كان منها إلا أن قدمت لها الاعتذار عن تلك السنين التي مرت وهي ماضية بفكرة كونها الأم المثالية.. في غرفة ابنتها حطمت كل جدار العزلة وقالب المثالية، ودنت أكثر من تلك الفتاة البريئة.
أمينة العطوة