قريباً افتتاح متحف حلب وثانوية جول جمال في اللاذقية متحف وطني البعثة الهنغارية التي “صمدت”وحيدة وتتابع أعمالها ومكتب لاسترداد القطع الأثرية
دمشق – ميس خليل
لم يأتِ وصف مديرية الآثار والمتاحف ماتعرضت له المواقع السورية “بالكارثة الحقيقة” من فراغ، بوجود أبنية وصلت نسبة الأضرار فيها إلى 90%، وأخرى وصلت إلى 10%، في زمن الحرب التي لم تبقِ إلا بعثة تنقيب واحدة لم تنقطع عن أعمال التنقيب والترميم طيلة سنوات الأزمة وهي “البعثة الهنغارية”، بعدما بلغ عدد البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سورية قبل الحرب أكثر من 140 بعثة بينها مئة بعثة أجنبية، قدمت أهم الاكتشافات المادية والمعنوية.
مدير عام الآثار والمتاحف الدكتور محمود حمود أوضح في حوار مع “البعث” أن الكثير من آثارنا السورية تعرضت إلى التخريب والسرقة على أيدي الإرهاب، فأقدم موقع أثري سوري يعود إلى آلاف السنين، بدلالة مدينة تدمر التاريخية التي يوجد 60 % منها تحت الأرض، وجاء الإرهاب ليهدم الكثير من الأبنية فوق الأرض، منها معبد “بل” ومعبد “بعل شمين” و”قوس النصر”، وهناك العديد من الأبراج والمدافن البرجية المؤلفة من أربعة طوابق أو خمسة طوابق، وكل مدفن فيه حوالي مئة قبر، وهناك أيضاً معابد تحت الأرض تعرضت منحوتاتها للنهب، إضافة للمتحف الوطني الذي تعرض لسرقة الكثير من المحتويات، ومن أهمها الحلي والمجوهرات والتماثيل، وتحتاج تدمر بحسب –حمود- إلى جهود كبيرة وحثيثة وأموال ودعم كبير في سبيل إعادة ترميم ما يمكن ترميمه، أما معبد “بل” فمهما أعيد منه فلا يمكن إعادة إلا ثلاثين بالمئة؛ لأن معظم الحجارة والمنحوتات تحولت بودرة ورماداً، كما أن أغلب مواقعنا الأثرية في إدلب وعفرين تتعرض حالياً لهجمة شرسة على الآثار تقوم بها العصابات المسلحة باستخدام الآلات الثقيلة للبحث عن الآثار والأوابد التي لايوجد مثيلاً لها في العالم.
تواصل “أنتربولي”
وعن إجراءات المديرية لإعادة القطع الأثرية المسروقة أشار حمود إلى أنه تم تشكيل مكتب استرداد القطع الأثرية في المديرية العامة للمتاحف بغية مواكبة كافة الأخبار التي تصل إليه عن مصادرة قطع أثرية في كافة أنحاء العالم، كما أن هناك تواصلاً مع الانتربول الدولي، وتعاوناً دائماً مع جهات مختلفة لوقف بعض المزادات العلنية التي يتم بها عرض القطع الأثرية المهربة من سورية، بالإضافة إلى التعاون مع لبنان لإعادة القطع الأثرية المصادرة، ولدينا محامون أيضاً لمتابعة قضايا استرداد بعض القطع الموجودة في بعض الدول، إضافة إلى ماتم إعادته من قبل الجيش العربي السوري من القطع الأثرية.
وذكر حمود أنه في سورية مالا يقل عن 10 آلاف موقع أثري، وكافة التلال التي وقعت تحت سيطرة الإرهاب تعرضت لتنقيبات غير شرعية وسرقة ( أفاميا – مدينة ، عين دارة .. إلخ )، وفي عفرين تظهر الصور والتقارير حجم التنقيبات غير الشرعية.
وحول سؤالنا عن عودة البعثات الأثرية الأجنبية للعمل في سورية أشار حمود بأنه لايوجد إلا بعثة واحدة لم تنقطع إلا سنتين في بداية الأزمة هي البعثة الهنغارية التي تنقب وترمم في قلعة المرقب في طرطوس، وانتقلت بأعمالها إلى قلعة الحصن، فقبل الحرب كان لدينا مالا يقل عن 140 بعثة أثرية من ضمنها أكثر من 100 بعثة أجنبية ومشتركة تعمل في مختلف المواقع الأثرية.
معاناة الهجرة
أما عن الرسالة من إعادة افتتاح المتحف الوطني بدمشق أوضح حمود أن إعادة افتتاح متحف دمشق الوطني هي انتصار للثقافة والإبداع والحق على الجهل والتخلف والهمجية والباطل، والهدف من إغلاقه خلال السنوات الماضية كان حفاظاً على القطع الأثرية ووضعها في أماكن آمنة، كاشفاً بأنه سيتم قريباً افتتاح متحف حلب، وبدأت أعمال الترميم فيه بمساعدة يابانية، وقبل نهاية هذا العام سيتم افتتاحه وسيترافق بتنظيم ندوة عن حلب آثارها بمشاركة العديد من علماء الآثار.
ونوه حمود أنه بسبب الحرب غادر الكثير من الكوادر إلى خارج القطر، وهناك معاناة في هذا الموضوع، وبهدف سد النقص في قلة الكوادر يتم إخضاع الكوادر الموجودة لدورات لرفع مستواهم التقني والفني، كما تم الإعلان عن مسابقة، وسيتم التحاق مايقارب 250 موظفاً من مختلف الفئات في الفترة القادمة.
وعن خطط المديرية للعام الجديد فتتركز على الترميمات الإسعافية للأبنية المتضررة بشكل كبير كي لا تتراجع أكثر، وترميم الأبنية التي يمكن أن تتعرض إلى تخريب نتيجة عوامل الطقس والمناخ على سبيل المثال معبد الضمير، وهو معبد مهم ويشابه معبد بل بعظمته، بالإضافة إلى أعمال التوثيق للأبنية والقطع الأثرية التي كانت المديرية مقصرة بها في الفترة الماضية، كما أن هناك فكرة بالتعاون مع وزارة التربية لمشروع مهم وهو تحويل ثانوية جول جمال التي درست فيها شخصيات عظيمة من بينها القائد الخالد إلى متحف وطني لمدينة اللاذقية.
وبعد توقف لعدة سنوات سنعيد والكلام ل”حمود” إصدار العديد من المجلات من بينها مجلات مهد الحضارات والمديرية و الحوليات العربية الصورية، وإصدار المزيد من الكتب الأثرية، بالإضافة إلى إقامة معارض وندوات في الفترة القادمة نحضر لمعرض في مدينة مسقط عن الآثار السورية، وهناك معرض يتم التحضير له مع الجانب الصيني سيكون في قصر الإمبراطور في الصين في الشهر السادس، وشاركنا منذ عدة أيام في ورشة عمل في بيروت تتعلق بحماية وتوثيق تراث حلب.
وحول سؤالنا حمود عن الوقت الذي نحتاجه لإعادة ترميم آثارنا أوضح أن ماوقع على تراثنا لم يقع على تراث أي دول في العالم ولا على حضارة أي دولة في العالم، وبالتالي إعادة ترميم كل المواقع الأثرية بحاجة إلى دعم وتمويل كبيرين، بالإضافة إلى تحرير كافة المناطق من سيطرة الإرهاب.