أوهــــــــــــــــام ترامبيــــــــــــة
مضت سنتان من ولاية دونالد ترامب في رئاسة أمريكا، بدا فيها وكأنه لاعب ملاكمة في حلبة فارغة يقفز في مكانه، ويوجه لكماته في كل الاتجاهات دون أن يصيب مقتلاً من عدو يفترض أنه موجود أمامه.
من المؤكد أن ترامب سيسقط وينهار مترنحاً عندما يفقد توازنه على حلبة الكرة الأرضية بعد أن ينتهي من لكم أعدائه الوهميين، وينهكه التعب، ويكتشف الحقيقة المرة، بأن كل من اعتقدهم أعداءه ليسوا سوى أشباح من نسج خياله، ولم يكونوا في أي لحظة يشكلون خطراً حقيقياً على بلاده، بل هم خطر موهوم صنعه عقله المريض.
المشكلة الأساسية عند ترامب أنه ما من دولة في العالم، ولها مصلحة أصلاً، في أن تكون في مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فلا روسيا ولا الصين ولا إيران ولا سورية ولا كوبا، ولا كوريا الديمقراطية تريد شراً بالشعب الأمريكي، ولا حتى فنزويلا التي يحاول جرها إلى حلبة الصراع ليجعل منها كيس رمل يفرغ فيه حقده الدفين ضد كل من يقول لا لسياساته الغبية.
ما يريده ترامب فعلاً هو خلق دور استعماري جديد للولايات المتحدة بصورة متطورة، الهدف الرئيسي له هو تعبئة خزائن بلاده بكل ما يستطيع نهبه من ثروات دول العالم وشعوبها بأي طريقة كانت، حتى لو اقتضى الأمر تدميرها بالكامل، وهذا يفسر لنا قيامه بإشعال الحرائق أينما حل في هذا العالم.
الجيد في ترامب خصلة واحدة فقط هي أنه يقول ما يدور في فكره، ويعبّر عما في خلده بوضوح، دون خجل أو مواربة، وهو بذلك يتفوق على من سبقوه في رئاسة أمريكا منذ نشأتها إلى الآن، والرجل صادق مع ذاته، ويحاول أن يترجم برنامجه الانتخابي الذي وعد به مناصريه إلى واقع، ولكن بأسلوب جنوني.
الرغبة الدفينة لدى ترامب هي أن يدخل التاريخ من بوابة صراع حقيقي مع عدو قوي، يضعه في مصاف الرؤساء العظام الذين مروا على حكم الولايات المتحدة الأمريكية، وتركوا بصمات خلدتهم بأفعالهم وأقوالهم، وهو ما لم يتحقق له حتى الآن، وقد بدأت ولايته الأولى في الأفول، ولم يبق له إلا عام واحد ليحقق أحلامه، فالعام الأخير سيكون عام الجمود والحسابات الدقيقة، بعيداً عن تهورات “الكاوبوي ” الأخرق، لضمان أربع سنوات أخرى ، ستكون الأسوأ على العالم إذا ما فاز بها، لأنه سيري فيها جنونه على أصوله كما يقولون.
صالح صالح