تحرير مختطفين في ريف حلب.. وخطط أمريكية لإخراج إرهابيين خارج سورية
ردت وحدات من قواتنا المسلحة أمس خروقات الإرهابيين المتكررة لاتفاق منطقة خفض التصعيد واعتداءاتهم على النقاط العسكرية والقرى والبلدات الآمنة أدت إلى تدمير مواقع محصنة وتجمعات لهم في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي.
وفي إطار الجهود التي تبذلها الدولة السورية لتحرير جميع المختطفين من براثن التنظيمات الإرهابية وإعادتهم إلى أهلهم وذويهم تم أمس تحرير مجموعة من المختطفين كانوا محتجزين لدى التنظيمات الإرهابية في بلدة دير قاق بريف حلب الشرقي.
وفيما أعلن مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني أن اجتماع الدول الضامنة لعملية أستانا الذي سيعقد غداً في سوتشي سيبحث الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب وعودة المهجرين السوريين إلى بلدهم وإرساء دعائم الاستقرار السياسي في سورية، أعربت الخارجية الروسية عن الأمل في أن يخرج التحقيق الذي يجريه خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالهجوم الكيميائي الذي شنه الإرهابيون على مدينة حلب باستنتاجات موضوعية وغير متحيزة.
وسط هذه الأجواء تعمل أمريكا على إنقاذ من تبقى من وكلائها الإرهابيين الذين انتهى دورهم الإجرامي بحق السوريين على إعداد خطط فورية لتهريبهم إلى خارج سورية والضغط على حلفائها لاستقبال رعاياهم من هؤلاء الإرهابيين.
وفي التفاصيل، وجهت وحدات من الجيش ضربات مركزة على مواقع انتشار تنظيم جبهة النصرة الارهابي والمجموعات التي تتبع له بعد رصد محاولة تسلل عبر الاراضي الزراعية من بلدة الخوين بريف ادلب الجنوبي الشرقي باتجاه النقاط العسكرية في المنطقة. حيث تم التعامل مع محاولة التسلل بالأسلحة المناسبة وإحباطها وإيقاع قتلى ومصابين في صفوف الإرهابيين وتدمير مواقع محصنة وأسلحة وعتاد لهم.
إلى ذلك، ردت وحدات من الجيش بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة على اعتداءات التنظيمات الإرهابية برصاص القنص من محور أطراف بلدة الجنابرة باتجاه القرى الآمنة بريف حماة الشمالي ودمرت تجمعات وتحصينات لها.
من جهة ثانية، ذكر مراسل “سانا” في حلب أن عدداً من المدنيين كانوا محتجزين لدى التنظيمات الإرهابية تم تحريرهم أمس في بلدة دير قاق التابعة لناحية الباب بريف حلب الشرقي. وعبر المحررون عن شكرهم للجيش العربي السوري الذي قدم التضحيات في سبيل تحريرهم وإعادتهم إلى بلداتهم وذويهم لمتابعة حياتهم الطبيعية. ولفت بعض المحررين إلى أن إرهابيين اعتدوا عليهم في منازلهم ونهبوا ممتلكاتهم قبل أن يقتادوهم إلى أماكن مجهولة حيث تعرضوا لشتى أنواع التعذيب والتنكيل طيلة فترة اختطافهم.
وفي إطار محاولات الولايات المتحدة الأمريكية لإنقاذ من تبقى من وكلائها الإرهابيين الذين انتهى دورهم الإجرامي بحق السوريين تعمل على إعداد خطط فورية لتهريبهم إلى خارج سورية والضغط على حلفائها لاستقبال رعاياهم من هؤلاء الإرهابيين مع تأكيدها على الاستعداد التام لمساعدة هذه الدول في ذلك شريطة إتمام الأمر سريعاً.
وليست هذه المرة الأولى التي تتولى فيها واشنطن عملية تهريب ونقل إرهابيين حيث تكررت مثل هذه العمليات خلال السنوات الماضية ولاسيما في دير الزور بنقل الطائرات العسكرية الأمريكية إرهابيين من تنظيم داعش الذي تزعم الولايات المتحدة محاربته في سورية والعراق فيما تقدم له في الواقع المساعدات والتسهيلات المالية واللوجستية.
واشنطن لم تحاول هذه المرة التغطية على خططها لمساعدة وكلائها الإرهابيين بحجة إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية بل أعلنت صراحة وعلى لسان مسؤول أمريكي لوكالة الصحافة الفرنسية استعدادها للمشاركة في عمليات تهريب فلول الإرهابيين ممن يحملون جنسيات أجنبية مع عائلاتهم شريطة الإسراع في ذلك ولاسيما بعد أن كشف مسؤولون في الإدارة الأمريكية أن الجيش الأمريكي سيسحب جزءاً كبيراً من قواته الموجودة في سورية بشكل غير قانوني بحلول منتصف آذار وبشكل كامل في نهاية نيسان المقبلين.
مسألة ضيق الوقت المتوفر أمام واشنطن لإنقاذ إرهابييها بدت واضحة تماماً في تصريحات المسؤول الأمريكي الذي رفض الكشف عن اسمه مكتفيا بالقول إن القيام بهذه العملية لا يقتصر على مجرد إرسال طائرة الى مطار في شمال شرق سورية بل هناك مشاكل تقنية ولوجستية معقدة لا بد من تذليلها، مشيراً في هذا السياق إلى تحديد جنسيات الإرهابيين وجمعهم وما إلى ذلك كما أنه شدد على تنصل واشنطن من مسؤولية حراسة هؤلاء الإرهابيين خلال عمليات تهريبهم ملقياً العبء على حلفائه.
ولعل اقتراب موعد الانسحاب الأمريكي من سورية دفع المسؤولين الأمريكيين إلى الإلحاح في تصريحاتهم الأخيرة على مسألة إعادة الإرهابيين الأجانب إلى بلدانهم بمن في ذلك منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية ناتان سيلز الذي اعتبر أن نقل الإرهابيين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية وتوجيه الاتهامات إليهم هناك هو أفضل حل لهم .
وأمام الورطة الجديدة التي وجدت دول أوروبية كثيرة نفسها بمواجهتها أكد مصدر فرنسي مطلع على هذه الخطط أنه من المحتمل جداً الاستعانة بطائرات أمريكية لنقل الإرهابيين الفرنسيين وغيرهم من جنسيات أخرى إلى خارج سورية .
الدول الغربية التي طالما تجاهلت تحذيرات سورية المتكررة من ارتداد جرائم الإرهابيين إلى البلدان التي قدمت لهم كل أشكال الدعم والتمويل باتت الآن تواجه معضلة لها تشعبات دبلوماسية وقانونية ولوجستية وسياسية ولاسيما فرنسا التي يرفض شعبها عودة الإرهابيين من مواطنيهم ولم ينس بعد سلسلة الهجمات الإرهابية الدامية التي طالت مناطق فرنسية كثيرة خلال السنوات الماضية .
وسبق أن قامت الولايات المتحدة بتهريب مجموعات إرهابية إلى خارج سورية أو نقلهم بطائراتها من منطقة إلى أخرى داخلها لإكمال جرائمهم بحق السوريين ومع إلحاحها المتزايد لإنقاذ من تبقى منهم وإخفاء دورهم قبل انسحاب قواتها لا تجد الإدارة الأمريكية مشكلة في بحث خيارات لوجستية لتجنب القيود القانونية والسياسية مثل المرور ببلد ثالث مقابل اتمام عملية تهريب الإرهابيين .
دور واشنطن في دعم الإرهابيين داخل سورية وإنقاذهم بعد إتمام دورهم الإجرامي كان جليا في عملية تهريب عناصر “الخوذ البيضاء” وعائلاتهم في تموز الماضي عبر عملية سرية ليلية أعدها ونفذها كيان الاحتلال الإسرائيلي بناء على طلب من الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
سياسياً، أعلن مساعد شؤون الاتصالات والإعلام في مكتب الرئيس الإيراني برويز اسماعيلي أن الرئيس حسن روحاني سيتوجه يوم غد “الخميس” إلى مدينة سوتشي الروسية تلبية لدعوة رسمية من نظيره الروسي فلاديمير بوتين للمشاركة في اجتماع الدول الضامنة لعملية أستانا (إيران روسيا تركيا) حول سورية.
وأوضح اسماعيلي أن هذا الاجتماع الرابع للدول الضامنة لعملية أستانا في سوتشي والذي يستغرق يوماً واحداً سيبحث الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب وعودة المهجرين السوريين إلى بلدهم وإرساء دعائم الاستقرار السياسي في سورية وكذلك نتائج مباحثات وسبل دفع العملية السياسية بما يحفظ وحدة الأراضي السورية وسيادة الإرادة الشعبية العامة والتعاون في مرحلة إعادة الإعمار في هذا البلد”.
وأضاف: إن رؤساء الدول الثلاث سيبحثون خلال الاجتماع أيضاً الوضع الميداني الراهن وتطورات الوضع في سورية عقب آخر اجتماع مشترك لهم في طهران وكذلك دراسة وصياغة الاجراءات المقبلة لتعزيز الاستقرار والأمن في سورية.
من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن بلاده تشدد على الحفاظ على سيادة سورية ومكانتها الإقليمية والدولية واصفا العلاقات بين سورية وإيران بالوثيقة جداً، وقال: إن تواجدنا في سورية هو لتقديم المساعدة في مكافحة الإرهاب بشكل استشاري بناء على طلب الحكومة السورية.. ونحن نؤكد على الحفاظ على مكانة سورية الإقليمية وسيادتها في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن هناك اتفاقاً بين الجانبين على محاربة ظاهرة الإرهاب، وشدد على أن استعادة سورية لسيادتها على القسم الأكبر من أراضيها بعد طرد المجموعات الإرهابية منها هو إنجاز للشعب والجيش والحكومة السورية.
من جهة ثانية، قال مدير قسم منع انتشار الأسلحة بوزارة الخارجية الروسية فلاديمير يرماكوف في مقابلة مع وكالة سبوتنيك الروسية: إنه وعلى مدى عدة أيام زار خبراء المنظمة المستشفيات والمراكز الطبية وأجروا مقابلات مع الشهود على الهجوم الكيميائي في حلب، مشيراً إلى أن المحققين لم يتمكنوا لأسباب أمنية من الذهاب مباشرة إلى مكان الهجوم الواقع على بعد 500 متر من مكان وجود الإرهابيين.
وأصيب في الـ 24 من تشرين الثاني الماضي 107 مدنيين بحالات اختناق جراء استهداف التنظيمات الإرهابية المنتشرة فى ريف حلب بقذائف تحوي غازات سامة أحياء الخالدية وشارع النيل وجمعية الزهراء في مدينة حلب.
وشدد يرماكوف على إنها إحدى الحالات النادرة التي جمع فيها خبراء المنظمة الشهادات والأدلة بشكل مستقل بدلاً من الاعتماد فقط على مواد من المجموعات الإرهابية والمنظمات التابعة لها مضيفاً: نأمل في أن يسهم ذلك في صياغة استنتاجات موضوعية وغير متحيزة.