فاتحة الخير
قرار دافئ بلا شك ذاك الذي صدر منذ أيام عن مجلس الوزراء بخصوص برنامج دعم وتمكين المسرحين من الخدمة الذين أمضوا خمس سنوات أو أكثر في الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية، أو المسرحين نتيجة إصابتهم في العمليات الحربية الذين لم يتم تخصيصهم بمعاش تقاعدي كامل أو جزئي، فهذا أقل الواجب تجاه هؤلاء الذين ضحوا بزهرة شبابهم في سبيل الدفاع عن الوطن.
صحيح أن المبلغ المقدم (35 ألف ليرة سورية) لا يساوي الكثير في ظل الوضع المعيشي الحالي، لكنه يبقى “سنداً” في معركة صعبة مع متطلبات المعيشة التي لا تنتهي!
بكل الأحوال عبارات الشكر والثناء على القرار المذكور يجب ألّا تنسينا السؤال عن مصير “جيش” العاطلين عن العمل والذي ارتفع عددهم خلال سنوات الحرب إلى أرقام مرعبة، فهؤلاء – وأغلبهم من الخريجين في الجامعات – يستأهلون أيضاً فرص عمل، ويجب أن يكون هناك إجراءات جادة بشأن مستقبلهم حتى لا نتركهم لقمة سائغة لسماسرة الهجرة ونحن على أبواب مرحلة إعادة الإعمار!
واقع الحال يشير بوضوح إلى صعوبة ذلك، فلا يوجد دولة في العالم مهما كانت متقدمة تستطيع أن تؤمن فرص عمل لكل شبابها، فكيف بدولة مثل سورية أنهكتها الحرب خلال ثماني سنوات؟ لكن هل يعني ذلك أن نقف مكتوفي الأيدي؟ بالتأكيد هناك حلول بديلة يمكن الاعتماد عليها في التخفيف من آلام” البطالة المؤلمة، فطالما ستعمل الحكومة على “تسهيل حصول المسرحين من الخدمة على فرصة عمل بالقطاعين العام والخاص أو الأهلي، وتقديم تسهيلات لتأسيس مشاريع متناهية الصغر”، فلماذا لا تتوسع الدائرة أو المظلة لتشمل كل الشباب؟
في ظل الأوضاع الحالية من الأفضل للشباب الاعتماد على مشروعاتهم الصغيرة والمتناهية الصغر، وهنا تأتي أهمية ودور الحاضنات المدعومة حكومياً، فهي الأكثر “حنية” من حاضنات القطاع الخاص، لكن هناك مشكلة، فاللجنة التي شكلتها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية من أجل تفعيل عمل هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، لم تأخذ بعد حقها من الدعم الحكومي الفعلي! فلماذا هذا الإهمال للمشروعات الصغيرة؟!
إن المأمول كان عكس ذلك، كون تلك المشروعات لها قدرة كبيرة على استيعاب المزيد من العمالة، ومع كل ذلك يبقى الأمل أن يكون التوجه الأخير للحكومة بتقديم تسهيلات لتأسيس مشاريع متناهية الصغر للعسكريين المسرحين فاتحة خير يستفيد منها كل الشباب، فالوطن قادم على مرحلة يحتاج سواعدهم الفتية.
غسان فطوم
ghassanfattoum@gmail.com