هل تشكل إيطاليا مشكلة للاتحاد الأوروبي؟
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع فالداي 8/2/2019
استدعت الحكومة الفرنسية في السابع من شباط الجاري سفيرها في روما، في إشارة إلى استيائها من التدخلات العديدة التي قامت بها الحكومة الإيطالية الحالية في الشؤون الداخلية لشريكها الأوروبي. جاء ذلك بعد أيام قليلة فقط من فشل الاتحاد الأوروبي في اتخاذ موقف موحد بشأن الأزمة الفنزويلية، بسبب رفض الحكومة الإيطالية تأييد الدعوة لإجراء انتخابات في الدولة اللاتينية.
الموقف الأخير لروما ما هو إلا تعبير عن أحدث التجليات التي تؤكد أن إيطاليا أصبحت مصدر الصداع الأكبر في الاتحاد الأوروبي، إذ تشمل قائمة القضايا التي اختلفت فيها الحكومة الإيطالية مع الاتحاد الأوروبي وشركائها، مسألة العقوبات على روسيا والمهاجرين والسياسة الاقتصادية.
ومع ذلك، وكما هي الحال في السياسة الإيطالية في كثير من الأحيان، يبدو أن تصادم الحكومة الإيطالية المستمر مع أوروبا أقل بكثير مما يبدو. ومن أجل محاولة فهم هذه الصورة التي تبدو كلوحة من العصر الباروكي، من المفيد تقديم بعض المعلومات الأساسية حول تشكيل الحكومة الائتلافية في إيطاليا، والتي تُسمّى في إيطاليا بالحكومة “الصفراء الخضراء”، وهي مؤلفة من حركة الخمس نجوم الجديدة نسبياً بقيادة لويجي دي مايو، وحزب رابطة الشمال بقيادة ماتيو سالفيني، وهما حزبان يمثلان تيارين مختلفين جوهرياً، ليس في مواقفهما فقط ولكن بطبيعتهما أيضاً.
تمّ تأسيس حركة الخمس نجوم إلى حدّ كبير عبر الإنترنت، مع مرشحين للانتخابات على كل المستويات والمواقف حول القضايا التي تمّ تحديدها من خلال استطلاعات الرأي على الإنترنت. أما حزب رابطة الشمال فهو حزب بالمعنى التقليدي، إذ يقوم على أساس هيكل موجود بشكل دائم في ساحات المدن، وتعبئة أعضاء الحزب ولاسيما في شمال البلاد بشكل رئيسي. الأمر الذي أدى إلى ناخبين مختلفين جداً في الحزبين. وتتركز حركة الخمس نجوم أساساً (ولكن ليس حصرياً) في جنوب إيطاليا، مستفيدة من الانهيار التام للأحزاب التقليدية، بينما تزدهر رابطة الشمال في شمال إيطاليا، ولاسيما في البلدات والمدن التي تهيمن فيها الشركات الإيطالية الصغيرة ومتوسطة الحجم.
ولدى كلا الحزبين مستشارون وشخصيات رئيسية أعربوا عن مواقف معادية للاتحاد الأوروبي حول كل شيء، وهذا يدلّ على أن هناك قدراً كبيراً من الأدلة تشير إلى أن إيطاليا تسير على الطريق نحو مواجهة خطيرة وربما دائمة مع الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، سيكون ذلك بمثابة ختام متسرّع لعدة أسباب. أولاً، لم ينخفض الدعم المقدّم إلى الاتحاد الأوروبي في إيطاليا في السنوات الأخيرة . ثانياً، يبدو أن الرياح جرت عكس ما تشتهيه رابطة الشمال، إلى حدّ كبير، على خلفية مطالباتها المناهضة للهجرة، لكنها تعلم أن حجر الأساس الذي تدعمه في الشمال يمكن أن يصبح هشاً إذا حدث عدم استقرار اقتصادي. لذلك فإن هنالك مخاوف قليلة من قيام رابطة الشمال بقيادة حملة على نمط البريكست. قد تستخدم اللغة نفسها ولكنها تعمل بشكل مختلف للغاية. ثالثاً، يختلف الحزبان كثيراً لكنهما يضطران إلى عقد اتفاق هشّ يجعل من الصعب تخيل أنه يمكن أن يقود حملة طويلة الأمد ضد الاتحاد الأوروبي.
لذا، يبدو أن هناك إمكانية أقل مما يبدو لما يمكن للحكومة الإيطالية أن تثيره من مشكلات في الاتحاد الأوروبي، فالحكومة منقسمة للغاية بحيث لا تتصرف بأي شكل ملموس، وهي تلجأ إلى خطاب قويّ لإخفاء مدى ضآلة ما قامت به بالفعل. لكن هناك شيئاً يبدو أكثر وضوحاً، وقد يكون أكثر إثارة للقلق في بعض الأحيان، حيث تشكل الحكومة المنقسمة بعمق دون أي بديل واضح للمعارضة في اقتصاد أوروبي كبير ظلَّ راكداً لأكثر من 20 عاماً مشكلة رئيسية للاتحاد الأوروبي، ليس لأي شيء يمكن أن تفعله، ولكن لأنها غير قادرة على فعل أي شيء، ومثال الموقف حول فنزويلا وهو رمزي!!.