جدل حول تحميل تكاليف إصلاح خطوط الأفران للمستثمرين (خبازو الاحتياطية) يرفعون تظلماً ويفتحون أبواب الوزن وخفايا التلاعب بالنوعية ورفس نعمة دعم الخبز
طرطوس- لؤي تفاحة
يثير القرار الصادر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمتعلق بتحميل مديري ومشرفي الأفران الاحتياطية تكاليف عمليات الإصلاح- بغض النظر عن قيمتها الفعلية- جدلاً واسعاً على مستويات التنفيذ والتكاليف التي من الممكن أن تصل لحدود المليون ليرة، فيما إذا كانت عملية الإصلاح تتعلق “ببيت النار” والجنزير أو غيره.
ومع أن عضو المكتب التنفيذي المختص لقطاع التجارة الداخلية في محافظة طرطوس بيان عثمان اعتبر أن مشكلة تكاليف الإصلاحات لا علاقة للمحافظة بها كونها تتعلق بالوزارة، وهي صاحبة الجهة الوصائية المكلفة بدراسة هذه القضايا ومعالجتها بالصورة التي تراها مناسبة، إلا أن ثمة معلومة توفرت للبعث من مصادر شبه رسمية في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تقول بوجود توجه تتحمل بموجبه الوزارة تكاليف عملية ترميم بيت النار، وكذلك شراء المولدة الخاصة، مع الإشارة إلى أن كلفة ذلك ليست بالأمر البسيط، وهذا بحد ذاته يشكل دعماً للأفران الاحتياطية مقابل تحقيق جودة بصناعة الرغيف.
في هذا السياق يشير أحد مديري الأفران الاحتياطية الذي تحفظ على ذكر اسمه “مداراة لمصالحه ووجلاً من ردات الفعل الوزارية” إلى أن مجمل عمليات الإصلاح التي يحتاجها المخبز ربما تصل لحدود مئتي ألف ليرة شهرياً، ولاسيما أن جميع الأفران الأربعة بما فيها المخبز الآلي الموجودة في مدينة طرطوس هي أفران قديمة، وربما يكون عمرها الافتراضي قد انتهى؛ لذلك تكثر عمليات الإصلاح الدورية التي يحتاجها هذا المخبز أو ذاك، وبالتالي فإن تحميل المخبز هذه التكاليف وما يحتاجه من قطع للغيار وأجور الفنيين وغيرها يفوق طاقة إدارة أي مخبز.
ويلفت المدير إلى أن القضية لم تتوقف هنا، بل جاءت عملية تخفيض الكمية المخصصة للفرن من مادة المازوت من 12 ليتراً إلى 7 ليترات، في حين ما يحتاجه كل فرن من المازوت لقاء تشغيل المولدة يصل إلى 9 ليترات لكل مئة كغ من الخبز، أي مطلوب من المخبز أن يتحمل فرق 2 ليتر، وهذه أعباء إضافية، يضاف إليها أجور العمال التي تقوم إدارة المخبز بدفعها لقاء ساعات العمل الطويلة التي يقوم بها العامل، حيث تدفع الوزارة أجوراً متدنية للغاية جداً لا تصل لحدود 500 ليرة، الأمر الذي سبب بترك العمل للكثيرين منهم، في ظل غياب أي شكل من أشكال الدعم والرعاية الصحية، وتثبيتهم كعمال بأجر ثابت.
وبحسب أحد مستثمري الأفران الاحتياطية الذي بدا اتهامياً في كلامه فإن كل ما يهم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هو فقط وزن الربطة ومدى تقيد المخبز بذلك، وهذا بحد ذاته يجب ألا يكون في الأولوية؛ لأن جودة الخميرة وصناعة الخبز وصلاحه للاستهلاك اليومي يجب أن يكون هو المعيار، حيث يستطيع كل مخبز أن يحقق الوزن المطلوب وزيادة، ولكن حتماً سيكون على حساب النوعية وجودة الرغيف وذلك من خلال “تسميك” العجينة. ولفت مستثمر الفرن إلى أن مجمل هذه القضايا المشار إليها قد تم طرحها في أكثر من جولة تفقدية للمعنيين في المحافظة حيث وعدوا بدراستها، مايعني أن هوية هذا “المنتقد” معروفة لدى من يهمه الأمر؟!
وفي هذا المضمار يؤكد أهل الاختصاص و”خبازو” المحافظة أن عملية الجودة ستكون صفرية تماماً نظراً لما قد يحدث في ما يعرف بعملية “التعجين”، الأمر الذي يضطر لهدر المزيد من الكميات المنتجة والمبيعة، وبالتالي تحميل الدولة مئات الملايين من الليرات يومياً جراء سوء التصنيع، ليضاف إلى ذلك نوعية الخميرة وجودتها حيث كثيراً ما تأتي الخميرة إما سيئة أساساً، أو تكون عملية النقل غير مناسبة، وبالتالي يتم إنتاج خبز غير صالح سوى كعلف للحيوانات، وهذه تعتبر أحد مبررات عمليات البيع وتهريب كميات كبيرة بشكل يومي للمواطنين للمتاجرة بها؛ كون سعر كغ الخبز اليابس أقل بكثير من سعر كغ العلف بغض النظر عن نوعية هذا العلف أو ذلك. ومن هنا برأي الكثيرين يبقى من الأهمية طرح المزيد من الاسئلة عن مصير الدعم المقدم للخبز، في ظل هذه الخسائر المتتالية للأفران، وأين تذهب مليارات الليرات، من دون أن نغفل أو ننسى الحاجة لثقافة مجتمعية تشكل لب القضية، وهي عما يتم هدره مجتمعياً من هذه المادة لأسباب مختلفة، على رأسها عدم احترام النعم، والإساءة الاستهلاكية لرخص المادة الغذائية الرئيسية عند السوريين.!