أهلنا في الجولان: مستمرون في مقاومة الاحتلال
يحيي أهلنا في الجولان العربي السوري المحتل اليوم ذكرى الإضراب العام الشامل، الذي أعلنوه قبل 37 عاماً، والذي يعد ملحمة بطولية سطّرها أهلنا في الجولان بوجه الاحتلال، عندما هبوا في الرابع عشر من شباط عام 1982 للتصدي لقرار كنيست الاحتلال الصهيوني المشؤوم القاضي بضم الجولان المحتل وفرض القوانين الإسرائيلية على سكانه، والذي صدر في الـ14 من كانون الأول 1981.
الإضراب التاريخي الذي سمي أيضاً بالإضراب الكبير جاء بعد اجتماع شعبي تنادى إليه أهالي الجولان بمشاركة الآلاف منهم في الثالث عشر من شباط عام 1982 وقرّروا فيه إعلان الإضراب العام المفتوح تحت شعار “المنية ولا الهوية” للتأكيد على رفضهم القاطع لقرار الضم ومقاومة كل إجراءات الاحتلال والتمسك الثابت بهويتهم الوطنية السورية.
قوات الاحتلال وفور إعلان الإضراب، قامت بفرض حصار عسكري شامل على القرى والبلدات في الجولان، ومنعت وصول المواد الغذائية، وقطعت الكهرباء عن الأهالي في محاولة للتعتيم على ما يجري، وعزلهم عن العالم الخارجي في محاولة منها للضغط عليهم، وإجبارهم على إنهاء الإضراب والقبول بقوانينها، كما عمدت إلى الاعتقال التعسفي لعشرات الشبان من أبناء الجولان، بعد حملات مداهمة للبيوت، وفرضت منع التجول في مختلف القرى.
أهالي الجولان العزل قابلوا الحصار الجائر وضغوط الاحتلال بالصمود والمقاومة والتجذّر في أرضهم وقراهم، وخاضوا خلال فترة الإضراب مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، كان أهمها معركة الهوية، التي جرت في الأول من نيسان عام 1982 بعد أن اقتحمت قوات الاحتلال عدة قرى ونكّلت بسكانها، وبعد أكثر من خمسة أشهر من الإضراب اضطر كيان الاحتلال إلى الاستجابة لمطالب الأهالي والتراجع عن مخططاته العنصرية لفرض “الجنسية الإسرائيلية” على أبناء الجولان، بالتزامن مع تأكيد الأمم المتحدة والكثير من الدول الحرة في العالم أن قرار الكنيست الإسرائيلي بضم الجولان باطل ولا أثر قانونياً له، وأن الجولان أرض سورية.
ورغم القمع والاعتقالات وعمليات التنكيل وكل الممارسات الجائرة على مدى أكثر من 50 عاماً من الاحتلال واصل أهالي الجولان تصديهم لكل مخططاته، والتي كان آخرها ما يسمى “انتخابات المجالس المحلية”، حيث قاموا في تشرين الأول الماضي بإحراق البطاقات الانتخابية الصهيونية على مرأى من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح تعبيراً عن رفضهم الشديد لإجراء تلك الانتخابات في القرى الجولانية.
كما رفض الأهالي مؤخراً بشكل قاطع إقامة المشروع الاستيطاني المتمثّل بمشروع المراوح الهوائية المؤلف من 52 مروحة هوائية على مساحة تقارب 6 آلاف دونم في عدد من المواقع المحيطة بقرى مجدل شمس وعين قنية وبقعاثا ومسعدة والذي يهدف الى تهجيرهم من قراهم ومصادرة أراضيهم بالقوة.
واليوم يجدّد أهلنا في الجولان السوري المحتل العهد بمواصلة مسيرة النضال ومقارعة الاحتلال وإجراءاته القمعية التعسفية حتى تحرير كل شبر من تراب الجولان العربي السوري المحتل.
وفي السويداء، لفت الرفيق يحيى الصحناوي، رئيس مكتب الإعداد الفرعي، أن الجولان كان وسيبقى عربي الهوية والإنسان، وأن أهلنا في الجولان المحتل برهنوا في الماضي، ويؤكّدون اليوم انتماءهم لوطنهم الأم سورية وثقتهم بزوال الاحتلال، بفضل إصرار وتصميم الجيش العربي السوري والقوات المسلحة على تحرير كامل التراب السوري من رجس الإرهاب والاحتلال، فيما بيّن المحامي حسام العفلق، رئيس جمعية أبناء الجولان في السويداء، أن أبناء الجولان المحتل سيبقون كشجر السنديان متجذّرين بأرضهم وانتمائهم لوطنهم مهما طال ليل الاحتلال، الذي لا محال إلى زواله.
وأكد العميد نايف العاقل، بطل تحرير مرصد جبل الشيخ خلال حرب تشرين التحريرية، أن صمود أهلنا في الجولان السوري المحتل هو صمود أسطوري، مشدّداً على أنه بهمة أبطال الجيش العربي السوري سيعود الجولان محرّراً، وسيرتفع العلم العربي السوري في كل بقعة من بقاع الجولان، فيما أشار الشيخ نجدو العلي، مدير أوقاف السويداء، أن أحياء ذكرى الإضراب هو إحياء للقيم العربية والموروث الوطني لأهلنا في الجولان وتجسيد الانتماء للوطن والاستعداد للتضحية في سبيل الحفاظ على الهوية والأرض التي رواها شهداؤنا بدمائهم الطاهرة.
ولفت الشيخ عادل غانم إلى أن يوم الرابع عشر من شباط يوم للبطولة والكرامة عندما سطّر أهالي الجولان في قرى مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنية والغجر أنصع صفات البطولة والعز، حيث قاموا بإحراق الهوية الإسرائيلية تأكيداً على عروبتهم وانتمائهم لوطنهم الأم.