شراكة المستقبل!
ما لخصته المؤتمرات النقابية التي عقدت في الفترة الماضية عن واقع حال المجتمع بكل فئاته وشرائحه اقتصادياً، وإنتاجياً، وعمالياً، وحتى اجتماعياً لا يختلف عما يقال أو يتم تداوله في الشارع حول أن الناس يعيشون على الأمل، ويتشاطرون الهموم والأعباء، ويحتجزون أمانيهم في قفص الواقع المعيشي الصعب الذي يختزلونه بعبارة “لقمة العيش”، وطبعاً نحاكي هنا واقع حياة حوالي 90% من المواطنين المصنفين في خانة الدخل المحدود، وفي مقدمتهم أبناء الطبقة العاملة الذين صنعوا مقومات الصمود خلال سنوات الحرب، وكانوا بسواعدهم أشبه بقوارب النجاة التي أبحرت بالاقتصاد إلى ضفة الأمان، وهذا الكلام ليس لمجرد المجاملة، بل هو مدعم بالكثير من الشواهد والأدلة التي مازالت حاضرة على خطوط العمل والإنتاج. طبعاً لا يمكن في المقابل إنكار أنه كانت هناك جهود كبيرة لتأمين كافة متطلبات استمرارهم بالعمل والإنتاج، وتحقيق كافة مطالبهم، إلا أنها لم تكن بالمستوى المطلوب، وكان بعضها يطعن بقرار التجيير من عام إلى آخر، وتخترق بقرارات الغياب عن ساحة التنفيذ، وهذا انعكس على حياة العامل وأسرته التي تعيش تحت ضغط أعباء المعيشة بشكل لم يسبق له مثيل، بحيث بات من الضروري العمل على معالجة الكثير من القضايا التي يراها العمال بتداعياتها على حياتهم كوضع العصي في دواليب الإنتاج، خاصة أن هناك ضرورة ملحة اليوم لإيجاد حلول لتحسين الوضع المعيشي. والحقيقة التي يجب عدم إغفالها أو تحييدها في هذه الظروف الصعبة أنه كان هناك عمل نقابي متواصل لتحقيق أكبر عدد ممكن من المطالب بالتعاون والتنسيق مع السلطة التنفيذية، ولعل الحوار الساخن الذي شهدته المؤتمرات النقابية خلال الأيام الماضية حول العديد من الملفات الهامة يمثّل جزءاً من النقاشات المباشرة التي تتم ما بين النقابات والوزارات المعنية، والتي تنتهي غالباً بإيجاد الحلول التي من شأنها المساهمة في معالجة الكثير من القضايا العالقة، وإيجاد السبل الكفيلة بالارتقاء بالأداء والعمل الإنتاجي من جهة، وتحسين واقع المؤسسات والشركات العامة من جهة أخرى، وذلك من خلال الدعوة لمضاعفة الجهود في ساحات العمل الإنتاجي، وإعادة دوران العجلة الإنتاجية، بما ينعكس إيجابياً على دعم الاقتصاد الوطني، وبالتالي تحسين المستوى المعيشي للمواطن. وبكل صراحة يمكن القول: إن التعاون الذي يتم ما بين التنظيم النقابي ممثّلاً بالاتحاد العام لنقابات العمال وجميع الوزارات يثبت أن العمل بأولوياته المتفق عليها لم ولن يحيد عن سكة البناء والإعمار، والدفاع عن سيادة القرار الوطني، رغم كل التحديات والهفوات إن صح التعبير، حيث يتمسك كل جانب بالشراكة الحقيقية في صناعة مستقبل البلد، ولكن الظروف تستدعي تحريك عجلة القرارات، وإزالة العقبات من أمام التحولات الإيجابية لصالح الحالة العامة، وتحقيق المزيد من الإنجازات في مرحلة الانتصار والإعمار.
بشير فرزان