الغواصة “فاتح” تنضم لأسطول القوات البحرية الإيرانية
فشل مؤتمر وارسو فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافه المعلنة ضد إيران، وكان جعجعة بلا طحين توّجها بيان ختامي مسبق الصنع، ويفتقر إلى أدنى مصداقية سياسية. هذا الفشل كان متوقعاً، وهو نتيجة منطقية لحقيقة مفادها أن الولايات المتحدة لم تنجح طوال العقود الأربعة الماضية في كسر شوكة إيران وإخضاعها رغم كل وسائل التآمر والضغط والحصار التي استخدمتها ضدها بما فيها أقصى أنواع العقوبات الاقتصادية وأشدها تأثيراً، فكيف ستنجح في تحقيق ما عجزت عن تحقيقه من خلال مؤتمر باهت كذلك المؤتمر؟!. أغلب الظن أن الغطرسة العمياء كانت وراء اعتقاد الإدارة الأمريكية أنها قادرة على تحشيد وتجييش المجتمع الدولي ضد إيران في وارسو، وإلّا فكيف تجاهلت أن هذا المجتمع منقسم على نفسه حول الموضوع الإيراني، وأن قسماً مهماً فاعلاً فيه يناهض المساعي الأمريكية، ويقف مع إيران. وعلى أي أساس اعتقدت أن الأوروبيين سيحذون حذوها، ويهرعون إلى المؤتمر، هم الذين أصروا على التمسك بالاتفاق النووي مع طهران في تحدٍ واضح لإرادة واشنطن التي انسحبت منه. لا شيء آخر سوى الغطرسة يمكنه تفسير هذا السلوك الأمريكي الذي وصل إلى حد التهديد بمعاقبة الأوروبيين الذين خذلوا ترامب إذا خرقوا عقوباتها المفروضة على إيران. ومعنى كل هذا هو أن المؤتمر كان محكوماً بالفشل، وأنه كما قال وزير الخارجية الإيراني جاء نتيجة “فشل السياسة العدوانية الأمريكية ضد الجمهورية الإسلامية”، فكان نوعاً من البحث العبثي عن نصر سياسي وإعلامي، ولو خافِت الأضواء يغطي على القلق الأمريكي في مواجهة طهران، وحتى الإعلام الصهيوني وجد نفسه مضطراً للاعتراف بفشل المؤتمر على الرغم من أن نتنياهو قد وصفه بـ “المنعطف التاريخي”… فعن أي منعطف تحدّث رئيس وزراء العدو إذا كان هدف التحشيد الدولي ضد إيران وتوسيع دائرة الحرب عليها لم يتجاوز الحبر الذي كُتب به البيان الختامي!. ارتياح المجرم نتنياهو جاء بسبب ما حققه لنفسه من مكاسب سياسية هو أحوج ما يكون لها في الانتخابات القادمة، فقد حرص على إظهار تطور التحالف الصهيوني الخليجي في مواجهة إيران، ولم يتردد من أجل ذلك في تسريب ما أطربه من قول حلفائه الخليجيين في الجلسة المغلقة: “إن مواجهة التهديد الإيراني أهم من القضية الفلسطينية… وإن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها في سورية…” لا بد أن هذا هو المنعطف التاريخي المقصود والذي يعني أن للمشروع الصهيوني أدوات عربية داخلية تتفانى في خدمته، ولم تعد تخفي دورها الوظيفي الخطير في محاربة المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية. لكن هذا السلوك الرجعي بالغ الانحطاط ليس سوى أحد وجوه الواقع، وهو ليس جديداً ليكون منعطفاً تاريخياً، فالخيانة الرجعية العربية قديمة، والرهان على المتأمركين المتصهينين من الحكام العرب هو رهان خائب في نهاية الأمر مهما بدا مبشراً للصهاينة، ذلك أن المنعطفات التاريخية الحقيقية والكبرى في المنطقة يصنعها صمود الجماهير العربية المتمسكة بثوابتها الوطنية والقومية، وإنجازات المقاومين الذين أذاقوا أمريكا وإسرائيل طعم الهزيمة، وتغلبوا على أدواتهما الإرهابية التكفيرية… والعين التي رأت هرولة الخليجيين إلى أحضان نتنياهو، ولم ترَ بالمقابل مسيرات العودة في غزة، والتظاهرة المناهضة للتطبيع في المغرب التي رفعت شعار “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة” لا بد أنها عين عمياء. محمد كنايسي