أخبارصحيفة البعث

تعديلات قانون الأحوال الشخصية أعطت للمرأة مكانها اللائق عوض: ترجمة قانونية لروح الشريعة والوسطية

أصدر السيد الرئيس بشار الأسد، في العاشر من الشهر الجاري، القانون 4 لعام 2019، والقاضي بتعديل 70 مادة من مواد قانون الأحوال الشخصية، وهي تعديلات اعتبرت الأوسع والأشمل والأكثر جرأة ومحاكاة للواقع، ولاسيما في المرحلة الراهنة “ما بعد الحرب”.. وللوقوف على أبرز الأهداف من هذا التعديل الكبير أجرت “البعث” حواراً مع الدكتور حسان عوض رئيس قسم الأحوال الشخصية في كلية الشريعة بجامعة دمشق: < هل يمكن اعتبار أن ما شهدته الأسرة السورية في المناطق الخاضعة للإرهاب “نصرة- داعش” كان له دور في تسريع إصدار التعديلات لترميم منعكسات الإرهاب عليها؟. << من أهم الدوافع لدى المؤسسات الدينية والقانونية في إقرار التعديلات الأخيرة على قانون الأحوال الشخصية، أنها تحقّق للمجتمع عامة والأسرة خاصة من خلال أفرادها صيانة الحقوق والواجبات، وخاصة محاكاة الوقت الراهن، وعلاج كل المسائل والحوادث التي طرأت على الحياة الزوجية بسبب الحرب على البلاد، ومنع التمييز ضد المرأة واضطهاد الطفل، ثم كان الدافع لإقرارها أنها رأت فيها روح القانون التي تناسب أشخاصه المعنيين: المرأة والطفل والرجل. < ما هي الرسائل التي تحملها هذه الخطوة التشريعية غير المسبوقة، ولاسيما أن مطالب عديدة لتغيير القانون توقفت، وما صحة الأقوال التي تشيع أن إرادة المجتمع المدني فرضت التعديلات؟. << هذه التعديلات تحمل رسالة لكل أفراد المجتمع أن التشريع القانوني لابد أن يتناول مطالب الأفراد، ويتعيّن في الحياة الزوجية والأسرة أن تكون النظرة من خلال هذه التعديلات شاملة لجميع الأفراد وتراعي خصوصيات كل منهم، وهذا ما جعل التعديلات تصغي إلى جميع الأسباب الموجبة لها جمعاً للكلمة بين أفراد المجتمع، على خلاف ما كان عليه ذلك سابقاً من المقترحات التي ربما يُخشى منها تجاوز الثوابت والقيم التي يبنى عليها القانون. لذلك جمعت التعديلات آراء المجتمع بكل مكوّناته دون المساس بالمصادر التشريعية لهذا القانون المتعددة والتي أغنته من خلال المذاهب الفقهية الكثيرة والأقوال المتعددة. < المتابعون يؤكدون أن القانون استهدف حقوق المرأة بشكل مباشر، هل نستطيع التأكيد أن المرأة السورية أنصفت شرعياً وقانونياً؟. << التعديلات تناولت الحقوق الخاصة بالمرأة نصّاً صريحاً بعد أن كانت بالإشارة أو بناء على سلطة القاضي التقديرية، فأخذت المرأة في التعديلات مكانها اللائق المناسب وفق ضوابط قانونية وتشريعية تضمن لها المصلحة والحياة المتكاملة مع الزوج في بيتها ومع أبنائها في حياتها الزوجية والأسرية، وأعطت التعديلات مساحة واسعة للمرأة وطفلها الصغير أو المحضون، وذلك مراعاة لهما وتحقيقاً للمساواة والعدالة والإنصاف مع بقية أفراد المجتمع. < ما هي أبرز التعديلات التي أقرها القانون الجديد؟. << إن المتأمل في التعديلات التي بلغت السبعين مادة يجد أنها مراجعة كاملة لكل مواد القانون السابق، فحيثما اقتضت المصلحة القانونية والشرعية في التعديل تمّ النظر وبيان ما يناسب أفراد المجتمع تعديلاً أو صياغة أو زيادة، فكانت التعديلات تنقسم إلى زمر ومحطات منها ما حقق المساواة بين الرجل والمرأة في الحياة الزوجية: سن الزواج /18/ لكل منهما، وسن الحضانة /15/ للذكر والأنثى، والوصية الواجبة لأبناء الابن وأبناء البنات على حد سواء للذكر مثل حظ الأنثى، والإذن بالسفر بالمحضون للأب والأم حفاظاً على مصلحة الطفل، ولكلا الزوجين الحق في التفريق عند وجود العلل المنفرة أو الأمراض الضارة. ومنها ما أعطى اهتماماً في الحفاظ على الجوانب المالية لكل من الزوجين مثل: إعفاء معاملات تثبيت الزواج، وتحصيل المهر من أي رسم، واستيفاء المهر السابق بناء على مراعاة التضخم النقدي بما لا يتجاوز مهر المثل، ولها الحق بالمطالبة بنفقة لا تتجاوز ثلاث سنوات إن طلقها زوجها تعسفياً، ولها الحق بالمطالبة بنفقة سنتين سابقتين للادعاء بدلاً من أربعة أشهر، ووجوب النفقة بين الأقارب ولو مع اختلاف الدين حفاظاً على اللحمة الوطنية، ولكل من الخاطبين الحق بالمطالبة في التعويض عند الضرر الناتج عن العدول عن الخطبة بلا سبب. ومن التعديلات ما أعطى لكل من الزوجين الحق في طلب الفسخ عند وقوع الضرر، مثلاً: “عدم الوفاء بالشروط الصحيحة كأن تشترط ألا يتزوج عليها ثانية، أو تشترط أن تكون العصمة بيدها، ولا يملك الرجوع عنها، أو تشترط عدم السفر، أو العمل خارج البيت”. ومنها ما يتعلق بالأفراد وخاصة القاصرين مثلاً: “لا يُزوّج الولي ابنته دون إذنها وموافقتها، ولا يحق للقاصرة الزواج دون موافقة القاضي، وتنتقل الولاية بعد العصبات إلى الأم بشرط الكفاءة ومهر المثل، وتنتقل الحضانة بعد الأم إلى الأب، ثم إلى أم الأم وفق الترتيب مراعاة لمصلحة المحضون ووفق شروط نص عليها القانون، ويحق لكل من الزوجين رؤية القاصرين في مكان إقامتهم حفاظاً على مشاعرهم، كما يحق لوالدي الأبوين الحق نفسه في حال الوفاة أو الغياب أو غير ذلك. أخيراً: هذه التعديلات تاريخية وضرورية تشير إلى النهضة التشريعية القانونية التي تتمتع بها البلاد، وخاصة أنها تراعي الواقع من خلال الوقائع والأعراف في الأمكنة والأزمنة، وهي كانت ترجمة حقيقية قانونية لروح الشريعة الغرّاء التي تتصف بالوسطية والاعتدال، فكانت حافظة للأسرة بكل مكوناتها من الأفكار المتشددة التي تسرّبت إليها بسبب الحرب. سنان حسن