في حضرة “الحوار الاقتصادي”..!
يعوّل على ملتقى الحوار الاقتصادي السوري المزمع انطلاقه الأسبوع القادم، لجهة توحيد الرؤى بين القطاعات الاقتصادية المختلفة للوصول إلى تحقيق التنمية المنشودة، ولاسيما أنه سيجمع الحكومة مع قطاع الأعمال وجهاً لوجه، وربما يأخذ هذا الملتقى مزيداً من الزخم كونه تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء.
وإذا ما علمنا أن بوصلة هذا الملتقى المعنون “الاستثمار في الزراعة والصناعة في سبيل تحقيق الأمن الغذائي” تتجه نحو تحقيق الأمن الغذائي كهدف رئيسي من خلال عدة محاور، أبرزها عرض تحليل الواقع الراهن للقطاع الزراعي، وخطة وزارة الزراعة بهذا الاتجاه، فإننا نعتقد أن التحدي الأبرز للحكومة بما يخصّ الأمن الغذائي، هو المحافظة على إنتاج القمح أولاً، والعمل على رفع كمية إنتاجه ثانياً، لما يمثله من عصب أساسي لمنظومة الأمن الغذائي من جهة، ولدوره كسلاح ردع أمام أي ضغط سياسي من قبل الدول التي تُصدّره على الدول التي تستورده من جهة ثانية، ويفترض بالتقارير الصادرة حول إنتاج القمح في الدول العربية أن تشكل دافعاً قوياً لكل مفاصل سلطتنا التنفيذية المعنية بهذا المنتج الاستراتيجي، الذي بدأ إنتاجه بالتدهور بسبب سياسات تهمّش المنتج الزراعي وتدمّر الأراضي الخصبة، هذا بالنسبة للحكومة!
أما بالنسبة للقطاع الخاص فيفترض به أن يضطلع بمسؤولياته الحقيقيّة تجاه العملية التنموية، فقد سبق لنا وأشرنا إلى أن الظروف الحالية تستوجب المفاضلة بين منتجاتنا الزراعية وتحديد أولوياتنا بما يدعم أمننا الغذائي، ولا يختلف اثنان على ضرورة أن يتصدّر القمح سلم هذه الأولويات، وخاصة في مناطق المحافظات الشمالية المغذي الرئيسي لمحصول القمح، وبالتالي لابد من توسيع مساحات إنتاج هذا المحصول ولو على حساب محاصيل أخرى، كبعض الخضراوات التي تستنزف الثروة المائية.
وعلى اعتبار أن الأزمة فعلت فعلها، وضيّقت أمامنا خيارات سدّ الطلب على القمح عن طريق الإنتاج المحلي في ظل الظروف الحالية من حروب واضطرابات، فإنه بالإمكان التخفيف منها عن طريق اتباع سياسات محلية ومستدامة، وتطوير أنواع البذار المقاومة للجفاف وذات الإنتاجية العالية، وإعادة إنعاش أفكار إقامة مشاريع زراعية مشتركة في السودان والتي كان مقدّراً لها أن تصبح سلة الغذاء العربي.
ونعتقد في هذا السياق أنه لا ضير من الاعتماد على القطاع الخاص الجاد في عملية التنمية، من خلال التشجيع على تأسيس شركات وطنية خاصة ذات استقلال مالي وإداري تستثمر أراضي زراعية في الدول التي تحوي مساحات شاسعة غير مستثمرة لاعتبارات خاصة في تلك الدول، وهناك تجارب على مستوى الوطن العربي، كتجربة السعودية باستثمار أراضٍ لزراعة القمح في أثيوبيا ذات الموارد المائية الكبيرة والفقر المدقع!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com