“الانقطاع المبكر” يهدد مستقبل تعلم أبناء ذوي الدخل المحدود
حمص- آصف إبراهيم
بدأ الانقطاع المبكر عن المدارس قبل موعد الامتحانات بحوالى أربعة أشهر، وخاصة لصفوف التاسع والثالث الثانوي يهدّد بانهيار منظومة التعليم الحكومي المجاني بشكل اعتباطي خطير يضرّ بسوية التعليم، وبمستقبل أبناء الكثير من العوائل محدودة الدخل.
فقد أخذ تسرب طلاب الثالث الثانوي في الكثير من مدارس محافظة حمص يشكّل ظاهرة تستدعي المعالجة الفورية قبل أن تخرج عن السيطرة وتصبح أمراً واقعاً يصعب تقويمه. فالكثير من الإدارات المدرسية تتراخى في هذا الموضوع ولا تطبّق الأنظمة والقوانين النافذة لصالح الفائدة العامة، سواء لجهة النسبة المئوية لدوام الطلبة أو التشدد في منع تغيب المدرسين، واتخاذ الإجراءات الفعلية الكفيلة بالحدّ من التسرب باتجاه المعاهد والدروس الخاصة، والأخذ بالحسبان أن هناك الكثير من العوائل غير قادرة على تحمّل نفقات تلك المعاهد والدروس المكلفة، ولا أمل لأبنائها سوى مدارس الدولة ومجانية التعليم. وفي حال توقف هذه المدارس عن القيام بدورها وواجبها، يصبح مستقبل أبناء أغلب تلك العوائل في خطر تتحمّل مسؤوليته مديرية التربية كجهة رقابية مسؤولة تقف الآن متفرجة أو متواطئة أو عاجزة عن اتخاذ المبادرة، واجتراح الحلول الكفيلة بإعادة الهيبة والدور الريادي للمدارس الحكومية في بناء الأجيال، وتأمين حق التعلّم لجميع أبناء الوطن دون تمييز، بدلاً من ترك الأمور تسير، عن قصد أو غير قصد، باتجاه خصخصة ارتجالية غير مقننة ومنظمة تراعي سوية دخل المواطن وتخضع لقوانين ناظمة، وعدم ترك الأمور على ما هي عليه الآن من فوضى وأسعار كاوية تتفاوت بين معهد وآخر أو مدرس وآخر، وكأنّ التعليم الآن بات يخضع لمعايير سياحية كالمطاعم والفنادق، أو معايير تجارية يحكمها قانون السوق والعرض والطلب.
علينا قبل أي شيء آخر إعادة بناء الإنسان، بعد السنوات العجاف الماضية، قبل الالتفات لبناء الحجر، لأن الخراب لم يطل الحجر وحده بل دمّر الكثير من القيم الإنسانية التي يجب إعادة ترميم ما يمكن ترميمه منها، ولا دور لغير المدرسة في تحقيق ذلك، منها البداية وإليها الملجأ لدوران عجلة الإعمار.