بعـــــد أن امتـــدت “الشــــهور القليلـــــة” لســـــنين..محاكـــــم دمشــــق ما تـــــزال لاجئــــة فـــي “الســــكن والإقامـــة” ولا أفـــق لمصيرهـــا بعـــد
دمشق – ريم ربيع
بعيداً عن الشعارات والخطابات الرنانة حول الهيبة “المزعومة” للقضاة ومحاكم دمشق، يُظهر الواقع حالةً أخرى يكاد يرثى لها، فقصر العدل أو الوزارة “المهيبة” لم تؤمن المكان اللائق لهم، بل منحت مكاتبها وقاعاتها للفئات الإدارية، وقلة قليلة من القضاة من وجد له مكاناً ملائماً في الوزارة، أما بقية القضاة فحديثٌ آخر، فبعد أن كانت المحاكم في قصر العدل “شارع النصر” المتهالك أيضاً بعد عشرات السنوات بلا ترميم وصيانة، تقرر تجزئتها “لصالح القضاة” حسب ما يفترض، فنقل بعضها إلى قصر العدل بالمزة، ولعدم وجود مكان شاغر أصبح سكن طلاب المعهد القضائي مقراً لها.
“بوفيه” وزارة العدل بات اليوم الوجهة الأولى للقاضي قبل توجهه للمحكمة، ليس طمعاً بفنجان قهوة، بل لأنه الطريق الأقرب للوصول إلى وجهته، فيجتاز بضع خطوات بين المتزاحمين على “سندويشة أو بسكوتة” ثم يصعد الدرج المتهالك ليصل إلى ممرات المحاكم الضيقة التي تغص بالمراجعين والمحامين على امتدادها، يقف لثوانٍ قليلة ويأخذ نفساً عميقاً قبل الغوص بين الطوابير المتزاحمة، وبعد أن ينال “دفشة” من هنا ونعرة من هناك يصل إلى محكمته المهيبة التي لا تتجاوز مساحتها 7 م2 ليجد أنه لا نصيب له من الكهرباء، فيعتمد على “فلاش الموبايل” في الحكم على مصائر الناس ومتابعة قضاياهم.
وباتت القاعات التي كانت مخصصة يوماً لسكن طلاب المعهد القضائي اليوم محاكم استئناف وبداية وصلح، وهي 36 محكمة.! حين تضطر إلى دخولها عليك أن تضع الهيبة جانباً، فالواقع ليس جميلاً كما الكلام. يقول أحد القضاة: “المحاكم القديمة (على عيبها) كانت أفضل بمئة مرة، على الأقل يمكنك الوصول إليها بكرامتك” وكانت وزارة العدل نقلت مكان معظم المحاكم من قصر العدل في دمشق “الحميدية” إلى سكن طلاب المعهد القضائي منذ 2016بحجة الترميم حينها، ولكونه لم يعد قادراً على استيعاب المراجعين – لعل سكن الطلاب قادر على استيعابهم؟!- على نية أن يكون النقل لعدة أشهر فقط..! وبعد مضي حوالي أربع سنوات لا المحاكم عادت ولا الترميم أنجز، بل زاد الطين بلة الإهمال الحاصل بعد بدء عمليات الترميم وتوقفها بلا مبرر. ولدى سؤالنا لأحد قضاة الاستئناف أكد أن عمليات الترميم متوقفة منذ فترة طويلة، بينما رفضت العدل التعليق على سبب التأخير أو بالأحرى “تجميد” الترميم بعدما نسبته مصادر للتأكد من صحة العقود المبرمة “إن وجدت”.
أما المحامون فكان لهم معاناتهم الخاصة؛ إذ أصبح عملهم موزعاً بين (المزة والحميدية)، وبات التنقل بين “القصرين” والأعباء المترتبة عليه فصلاً من يومياتهم، فضلاً عن وجود جزء من المستودعات في المزة والجزء الآخر في شارع النصر، ما يضاعف من صعوبة مهمة القاضي والمحامي وحتى المراجع في الحصول على الأوراق المطلوبة.