إهمال جسيم وراء كارثة القطار في مصر
تركز التحقيقات في مصر على أحد الفيديوهات يتمّ تداولها تقول: إن حادث القطار محطة مصر نتج عن إهمال جسيم من قبل الموظفين والعاملين بورش جرارات القطارات بمحطة مصر وأدت إلى مقتل وإصابة العشرات، في خطوة تثبت استمرار سياسة الهروب من معالجة المشاكل المتراكمة للبنية التحتية في مصر وحصرها في أخطاء فردية.
وبحسب ما جاء بالفيديو فقد ظهر الجرار وهو يغادر الورشة، ويصطدم بقطار آخر بالورشة قبل أن يذهب إلى محطة مصر، وأثناء ذلك نزل السائق ليتحدّث مع سائق القطار الآخر وترك قطاره، ليتحرّك قطاره بسرعة نحو المحطة.
ونقلت صحف مصرية عن بيان صادر عن مكتب النائب العام أن جرار القطار رقم 2310 تقابل مع جرار آخر أثناء دورانه على خط مجاور عكس الاتجاه، مما أدى إلى تشابك المسارات، وحال ذلك دون استمرار سير الجرار المتسبب في الحادث.
وقال النائب العام المصري في بيان له: إن “قائد الجرار ترك قمرة القيادة دون اتخاذ أي إجراءات احترازية وتوجه لمعاتبة قائد الجرار الآخر، الذي رجع إلى الخلف لفك الاشتباك مما أدى إلى انزلاق الجرار المعني بالحادث دون قائده وبسرعة عالية ليصطدم بالمصعد الخرساني في نهاية خط السير داخل المحطة، ليقع الحادث”.
ورغم إقالة وزير النقل إلا أن هذه الخطوة لم تخمد غضب المصريين، لا سيما في ظل تركيز التحقيقات الرسمية على الأخطاء الفردية وعدم إقرارها بوجود نقائص ومشاكل متراكمة تحتاج معالجة جدية وتكون كفيلة بالقطع مع تكرار هذه الصدمات. ويشتكي المصريون منذ وقت طويل من إخفاق الحكومة في إيجاد حلّ لمشكلة النقل العام المزمنة في البلاد حيث الطرقات وسكك الحديد بحالة سيئة.
ويلقي المسؤولون عادةً باللوم على الصيانة السيئة لشبكة السكك الحديد المتهالكة بسبب عقود من الإهمال ونقص التمويل.
ورغم ذلك يتجه اهتمام الحكومة بتحسين البنية التحتية في المناطق العمرانية الجديدة على حساب مناطق كثيرة أخرى في حاجة لإصلاحات جمة لحماية المواطن من حوادث مماثلة.
وتحتل مصر في المرتبة الأولى بالنسبة لحوادث السكك الحديدية، وفق تصنيف معهد السكك الحديدية الألماني عام 2016. وبلغت حوادث القطارات خلال الفترة بين 2003 و2017 نحو 16 ألف حادث، وكان العام 2017 الأكثر في عدد الحوادث بـ 1657 حادثاً.
وكشف الجهاز أن متوسط عدد القتلى في حوادث القطارات يبلغ 25 قتيلاً لكل 10 آلاف مركبة. وتؤكّد هذه الأرقام أن الحكومات والمسؤولين في مصر يتجاهلون مشاكل البنية التحتية وسكك الحديد تحديداً ويتركون المشاكل تتراكم دون معالجتها رغم تتالي الكوارث وازدياد حجمها من سنة إلى اخرى.
وفي أول ظهور له، قال سائق القطار الذي تسبب في حادث محطة مصر، صباح الأربعاء بالقاهرة، إن حالة الجرار (عربة القيادة) السيئة كانت أحد أسباب الكارثة. وقال السائق علاء فتحي خلال لقاء مع الإعلامي المصري وائل الإبراشي “إن الجرار الذي كان يقوده تعرض للاصطدام من قبل قطار آخر ما أدى لتوقفه، فقام بالنزول منه لتأنيب سائق القطار الآخر على خطئه وحدثت مشادة بين السائقين، قبل أن يفاجَأ بتحرك الجرار بأقصى سرعة”.
وأرجع فتحي سبب تحرك الجرار إلى كونه لم يوقفه، بسبب انشغاله بالنزول للوم السائق الذي اصطدم به.
وأوضح السائق أنه عقب تحرك الجرار تواصل مع برج المراقبة لمحاولة تفادي دخوله المحطة وتحويل مساره إلى مكان آخر؛ غير أن موظف برج المراقبة ردَّ عليه، ثم تجاهله لاحقاً.
وارتفعت أعمدة الدخان فوق محطة مصر بميدان رمسيس في وسط القاهرة. وداخل المحطة، كان الجرار المتفحم مائلاً على أحد جانبيه بجوار الرصيف.