بوتين: القضاء على بؤر الإرهاب في سورية قريباً الجعفري: الدستور شأن سيادي بحت يقرّره السوريون وحدهم
عقدت جلسة لمجلس الأمن أمس حول الوضع في سورية، أكد خلالها مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور بشار الجعفري، أن الدستور وكل ما يتصل به شأن سيادي بحت يقرّره السوريون بأنفسهم دون تدخل خارجي، مشدّداً على أن أي مسار سياسي لا يأخذ بعين الاعتبار الاستمرار في محاربة الإرهاب وإنهاء الوجود الأجنبي غير الشرعي في سورية والحفاظ على وحدتها وسيادتها واستقلالها يبقى حلاً غير واقعي ولا أفق له، فيما أعلن مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي في إدلب يواصل استفزازاته، وهو مالا يمكن السكوت عليه، مشدّداً على أنه “يجب القضاء على الإرهاب في إدلب بشكل كامل”.
وفيما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه سيتمّ القضاء على بؤر الإرهاب في سورية بأقرب وقت، شدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على ثبات موقف بلاده في محاربة الإرهاب في سورية حتى القضاء عليه بشكل كامل، في وقت أكدت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن التهديد الأكبر للاستقرار في سورية هو تنظيم “جبهة النصرة”، الذي يسيطر على معظم منطقة خفض التصعيد في إدلب.
وفي التفاصيل، قال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور بشار الجعفري، خلال جلسة لمجلس الأمن حول الوضع في سورية، “أجرى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون خلال زيارته الشهر الماضي إلى دمشق محادثات مفيدة، وأكدنا له استعداد سورية للتعاون معه من أجل انجاح مهمته المتمثّلة في تيسير الحوار السوري-السوري بقيادة وملكية سورية بهدف دفع المسار السياسي قدماً، والذي هو مصلحة سورية، وأعرب عن استعداد الحكومة السورية لأن تبحث بشكل مباشر مع بيدرسون، خلال زيارته القادمة إلى دمشق، المواضيع المتعلقة بالتعاون بين الأمم المتحدة وسورية، بما في ذلك تشكيل لجنة مناقشة الدستور ومختلف الجوانب المتعلقة بها، لافتاً إلى أن من تؤخّر إطلاق عمل اللجنة هي الأطراف التي تتدخل في الشأن السوري الداخلي وتحاول فرض أجنداتها وشروطها المسبقة على عمل اللجنة.
وأكد الجعفري أن أي عملية تتعلّق بالدستور يجب أن تتمّ على أساس أن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده دون تدخل خارجي، انطلاقاً من قاعدة أن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرّره السوريون أنفسهم، وجدّد مطالبة سورية بإنهاء الوجود غير الشرعي للقوات الأجنبية الأمريكية والفرنسية والبريطانية والتركية على أراضيها، وحل ما يسمى “التحالف الدولي”، بما يكفل إنهاء جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها.
وشدّد الجعفري على رفض سورية القاطع للتصريحات العدائية الأمريكية بالإبقاء على جزء من قواتها على الأراضي السورية أياً كانت الذرائع التي تسوّقها لمحاولة تبرير ذلك، مؤكداً أن أي وجود عسكري أجنبي في سورية دون موافقة حكومتها هو عدوان موصوف يجب إنهاؤه فوراً، وأن الدولة السورية ستتعامل معه على هذا الأساس، وأشار إلى ضرورة دعم جهود الدولة السورية وحلفائها وأصدقائها في محاربة ما تبقى من شراذم المجموعات الإرهابية، ووقف دعم هذه المجموعات، والعمل على إعادة الإرهابيين الأجانب، من أوروبيين وغيرهم، إلى دولهم الأصلية ومساءلتهم عن الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعبين السوري والعراقي.
ولفت الجعفري إلى أنه بعد مرور نحو خمس سنوات على اعتماد مجلس الأمن القرار 2170، الذي طالب بضرورة خروج جميع الإرهابيين الأجانب من سورية فوراً، يطالعنا مسؤولون أوروبيون بالقول: “إن عودة هؤلاء الإرهابيين من سورية تشكّل خطراً على بلادهم، وإن هؤلاء هم أعداء الأمة الأوروبية”، متجاهلين ما روّجته حكومات بلادهم عن الإرهابيين لسنوات بأنهم “حمائم سلام وجهاديون أصدقاء للشعب السوري ومعارضة سورية معتدلة”، واستغرب مزاعم مسؤولين أوروبيين بأن إعادة أولئك الإرهابيين إلى أوروبا هو أمر بالغ الصعوبة، متسائلاً: لماذا كان تجنيد وتمويل وتدريب وإرسال هؤلاء الإرهابيين إلى سورية أمراً سهلاً على بعض الحكومات، مؤكداً أن التراخي في تحمّل مسؤولية إعادة الإرهابيين إلى بلدانهم الأصلية ومحاكمتهم على جرائمهم التي ارتكبوها في سورية والعراق يثبت تخوّف البعض مما سيكشفه هؤلاء الإرهابيون من معلومات حول دور الدول التي رعتهم، كما يعبّر عن رغبة تلك الدول بالإبقاء على إرهابييها كمصدر لزعزعة الأمن والاستقرار في سورية والمنطقة بأكملها، ولاستمرار الاستثمار في إعادة تدويرهم في أماكن أخرى من العالم مستقبلاً.
وطالب الجعفري بالرفع الفوري للإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي ألقت بآثارها الكارثية على السوريين كافة وألحقت باقتصادهم الوطني أضراراً فادحة وتسببت بمعاناتهم.. وبضرورة دعم جهود الدولة السورية في عودة المهجرين واللاجئين إلى منازلهم ومدنهم، مجدّداً الدعوة لكل من غادر الوطن بفعل الإرهاب للعودة إليه والمساهمة في إعادة إعماره، فالوطن لجميع أبنائه الذين ينتمون إليه بصدق، وأكد أن سورية، التي صمدت لثماني سنوات في مواجهة الإرهاب والتدخل الأجنبي، مصممة على عدم السماح بتمرير أجندات الدول المعادية لها، وعازمة أكثر من أي وقت مضى على استعادة كامل أراضيها وتحريرها من الإرهاب ومن الوجود الأجنبي غير الشرعي، وهي ملتزمة في الوقت ذاته بتحقيق حل سياسي يقرّر فيه السوريون وحدهم مستقبلهم وخياراتهم عبر حوار سوري-سوري وبقيادة سورية ودون تدخل خارجي وبما يضمن سيادتها واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها.
وفي رده على مندوبي الدول الأعضاء، قال الجعفري: بعد مضي نحو ست سنوات على بدء مهمة المبعوث الخاص للأمين العام إلى سورية استمعنا اليوم إلى سلسلة عجيبة من القراءات المزاجية والانتقائية حول ولايته والهدف من هذه القراءات هو وضع العصي في عجلات مهمة المبعوث الحالي غير بيدرسون والضغط عليه سياسياً والتشويش على قراءته الموضوعية للوضع في سورية ولهذا أنصح بيدرسون أن يقلل من إحاطاته أمام مجلس الأمن حتى يتفرّغ لتنفيذ مهمته النبيلة وفق الولاية المنوطة به والتي تؤيدها سورية، وأضاف: إن مندوبي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا “أثنوا” على قرار الإدارة الأمريكية بالإبقاء على قوات احتلال فوق جزء من الأراضي السورية!.
من جانبه أكد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية أن حل الأزمة فيها يبدأ باحترام سيادتها ووحدتها واستقلالها وتأمين خطة لعملية سياسية يقودها السوريون أنفسهم، لافتاً إلى أن أولوياته الأساسية هي التعامل مع الحكومة السورية.
وشدد بيدرسون على عودة المهجرين إلى قراهم وديارهم، وإعادة عملية البناء من خلال السوريين أنفسهم، مؤكداً أن التدخل الخارجي كان عاملاً أساسياً في افتعال الأزمة في سورية وتصاعدها.
وحول اللجنة الدستورية، قال بيدرسون: “هناك قبول لفكرة تشكيل لجنة دستورية سورية متوازنة تقودها سورية ويشكلها السوريون بكل أطيافهم من أجل إحياء العملية السياسية”.
وبشأن الوضع في مخيم الركبان، أشاد بيدرسون بتعاون الحكومة السورية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المخيم، مبيناً أن قرار مجلس الأمن رقم 2254 يشدّد على وحدة الأراضي السورية.
وفي موسكو، أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، “أن الأوضاع في سورية استقرّت.. وسيتمّ القضاء على آخر بؤر الإرهاب فيها بالقريب العاجل”، موضحاً أنه “يجب بذل المزيد من الجهود لإعادة الاستقرار إلى المناطق المضطربة، مثل إدلب”، فيما بحث وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في اتصال هاتفي مع وزير خارجية النظام التركي مولود جاويش أوغلو، الوضع في سورية وسير عملية تسوية الأزمة فيها والجهود المبذولة فيما يتعلّق بعملية أستانا، ولفتت الخارجية الروسية إلى أنه جرى التأكيد خلال الاتصال على ضرورة مواصلة محاربة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى جميع المناطق في سورية.
من جانبها، أكدّت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن “إرهابيي تنظيم جبهة النصرة يحاولون توسيع نطاق سيطرتهم حيث يعملون على إعادة تشكيل مجموعات متحالفة مع التنظيم للهجوم باتجاه حلب وحماة وريف اللاذقية ومحاولة السيطرة بشكل كامل على محافظة إدلب”، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال الأمريكي في منطقة التنف تواصل منع المهجرين السوريين في مخيم الركبان من مغادرته عبر الممرين الإنسانيين اللذين افتتحتهما الحكومة السورية بالتنسيق مع الجانب الروسي، مؤكدة أن معظم قاطني المخيم يريدون المغادرة.