عظام ومخلفات دجاج إلى مائدة المستهلك بمسمى “كباب” حمايـــة المســتهلك تضبــط 9 مســالخ و”الصحـة” جاهــزة بـ160مراقبــاً ..ومــا خفــي أعظــم!!
حالات تسمم كثيرة تسجلها المشافي بشكل يومي أغلبها نتيجة تناول أطعمة فاسدة وملوثة، وحسب تأكيدات الأطباء فإن النسبة المرتفعة تأتي من اللحوم، حيث وصل شخص منذ فترة قريبة يعاني من حالة هذيان وتشنج في أنحاء الجسم نتيجة التسمم بعد تناول وجبة الشاورما من أحد المحال، و بما أنها ليست الحالة الوحيدة ولا حتى الأخيرة، يتوجب من الجهات المعنية عدم الاكتفاء بتشديد الرقابة على محلات الفروج، بل عليها البحث عن المصدر وكيفية تقديم الفروج لهذه المحال من المسالخ التي تعتبر مصدر التوزيع، وكي لا نكون متشائمين افترضنا تحقيق السلامة الصحية في أغلب المسالخ.
في منتصف الليل
قامت “البعث” بعمل استقصائي من داخل أحد المسالخ في ريف دمشق لمعرفة كيف يقدم الفروج بأنواعه إلى المواطن، ومع تأكيدات الجهات المعنية والرقابية على سلامة الفروج أثناء النقل إلى المسالخ ضمن شروط صحية، إلا أن العامل “ح.ع” الذي ساهم من داخل المسلخ أكد وصول عدد من طيور الدجاج النافقة ضمن السيارات الناقلة، وبدلاً من إتلافها من قبل أصحاب المسلخ يقومون بذبحها مع الدجاج الحي ووضعها في خزان مياه مليء بقطع الثلج؛ وذلك من أجل تغيير اللون من زهري إلى أزرق كي يتشابه مع الدجاج المذبوح أصولاً، ويشير العامل إلى فرز الدجاج النافق والمريض لكي يتم طحنه وتحويله إلى وجبات الكباب مع وضع بهارات منكهة وقليل من اللحم الصحي، ومن ثم تباع الكميات لمحال الشاورما والكباب بأسعار منخفضة من أجل تصريف الكميات كاملة.
ويوضح العامل أن طريقة العمل داخل المسلخ بعيدة كل البعد عن السلامة والنظافة، حيث يقوم العمال بالسير على الفروج المرمي على الأرض، وتجميع الكميات المذبوحة عن طريق الركل، علماً أن النظافة غير موجودة، لافتاً إلى تجميع بقايا الفروج وتحويلها إلى الطحن وضمها إلى كميات الكباب المطحون، إضافة إلى تقاذف الفروج من قبل العمال من جهة إلى جهة من أجل التسلية والسرعة بإنجاز العمل.
اختباء من الرقابة
ويختم العامل شهادته بأنه عندما ينتهي العمل وقبل طلوع الفجر، يطلب صاحب العمل من العمال تنظيف المسلخ بالكامل وغسل الدماء وترتيب الفروج والأقفاص ليأتي الصباح وكل شيء جاهز لاستقبال أصحاب المحال وبيعها الكميات المطلوبة، علماً أن توقيت عمل المسالخ يجب أن يكون نهاراً وليس ليلاً حسب توجهات الرقابة الصحية؛ مما يجعل ضعاف النفوس من أصحاب المسالخ يبادرون للعمل في منتصف الليل للاختباء من الرقابة التي لا تأتي إلا في وضح النهار، وفق ما أكدته مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومديرية الصحة. حيث أكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق لؤي السالم أن دوريات الرقابة تقوم بسحب عينات من المسالخ بشكل يومي ليتم تحليلها، والتأكد من صلاحيتها من ناحية الشكل واللون والرائحة، فإن كان اللون زهرياً فهي غير صالحة للاستهلاك البشري، وبناء عليه يتم مخالفة المسلخ، كاشفاً عن إغلاق 9مسالخ خلال 4 أشهر الماضية، وذلك بالتعاون مع الشؤون الصحية، حيث كان أحد الضبوط لمسلخ للدجاج في بناء سكني في منطقة داريا يعمل بشكل مخالف، وذلك بالغش في صناعة الكباب وحيازة مواد غير صالحة للاستهلاك البشري.
إتلاف 4،5 أطنان
وبين السالم أن المسلخ يقوم بشراء عظام ومخلفات دجاج وطحنها وتحويلها إلى لحم الكباب بعد إضافة البهارات والتوابل عليها، ومن ثم بيع الكيلو مابين 800 إلى 1200 ليرة، علماً أنهم يشترون العظام والمخلفات ب 10 ليرات للكيلو الواحد، موضحاً أنه تمت مصادرة الكميات البالغة 4،5 أطنان وإتلافها أصولاً برفقة الجهات المعنية والصحة مع تنظيم ضبط بحق المخالفين وإحالتهم إلى القضاء أصولاً، في حين اعتبر مدير الصحة الدكتور ياسين نعنوس أن العمل الرقابي بالتشاركية مع دوريات حماية المستهلك بشكل دوري، مؤكداً أن عمل المراقبين الصحيين لا يقتصر على الدوريات على المسالخ، بل هناك جولات يومية على محال اللحوم وخاصة الفروج والتأكد من السلامة الصحية.
جولات قاصرة
وعن غياب الجولات ليلاً بين نعنوس أن المديرية جاهزة للقيام بجولات في أي وقت عند ورود أي شكوى، علماً أن الذبح يكون نهاراً، وكل المسالخ تفتح باكراً وبناء عليه تبدأ الدوريات صباحاً. ولم يغفل نعنوس وجود جولات رقابية صحية على محال البزورية والصيدليات وخاصة أن هناك محال بزورية تقوم بتركيب كريمات وأدوية علاجية جلدية من مواد البزورية، وهذا يعتبر غشاً وتدليساًَ.
ومع المساحة الجغرافية لمحافظة الريف يستغرب متابعون عدم وجود مديرية الشؤون الصحية مستقلة عن مديرية الصحة أسوة بمحافظة دمشق. ليوضح نعنوس أن مديرية الصحة تقوم بواجبها على أكمل وجه ولاسيما مع وجود تقريباً 160مراقباً صحياً موزعين في المراكز الصحية، إضافة إلى 4مراقبين أساسين مركزيين في المديرية، معتبراً أن قرار أحداث مديرية للشؤون الصحية يعود حسب مواد النظام الداخلي للمحافظة، علماً أن مديرية الصحة تغطي الأسواق من خلال المراقبين الصحيين بالتعاون مع المديريات المعنية.
95% مخالفاً
ويؤكد متابعون للشأن الخدمي أن 95% من المسالخ لا تطبق الشروط الصحية، مطالبين بإيجاد مناطق حرفية لنشاط تلك المسالخ، وكذلك التعاقد مع طبيب يتبع لمديرية الصحة مع الإشراف الإيجابي والمباشر من قبل رئيس مجلس البلدة أو المدينة على تلك المسالخ الواقعة ضمن حدوده الإدارية.
ومن تأكيد المتابعين ومطالبهم نختم القول إن التغني بالضبوط وكثرتها لا تقي المواطنين من حالات التسمم؛ فلابد من عمل جاد ومتابعة حثيثة من الجهات المعنية لضبط هذه المسالخ والعمل على تأطيرها ضمن منطقة حرفية خاصة تجمع كل المسالخ مع المراقبة اليومية كما يقال “تحت نظر الرقابة”؛ مما يسهل عمل الجهات المعنية ويضبط المسالخ، إضافة إلى إراحة المواطنين من رائحة المسالخ القريبة من المنازل بشكل مخالف نتيجة التواطؤ مع بعض رؤساء البلديات.
علي حسون