انطلاق أعمال الدورة الـ 29 للاتحاد البرلماني العربي الطراونة: سورية ركن أساسي للاستقرار في المنطقة
بمشاركة وفد من مجلس الشعب برئاسة رئيس المجلس حموده صباغ، انطلقت في العاصمة الأردنية عمان، أمس، أعمال الدورة التاسعة والعشرين للاتحاد البرلماني العربي تحت شعار “القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين”. ويشارك في أعمال الدورة الحالية للاتحاد البرلماني العربي، التي تستمر يومين، رؤساء 17 برلماناً عربياً وممثلون عن بقية البرلمانات.
وكان صباغ وصل إلى عمان السبت للمشاركة في المؤتمر، بعد تلقيه دعوة من رئيس مجلس النواب الأردني المهندس عاطف الطراونة.
وأكد صباغ في كلمة خلال أعمال المؤتمر أن القدس جوهر العروبة وقدسها ودفاعنا عنها هو دفاع عن فلسطين وعن وجودنا كأمة وكيان كبير وعظيم، وشدد على أن سورية بنصرها على الإرهاب تنتصر لكل العرب والمنطقة، وتسهم في خلاص العالم كله من هذه الآفة، التي أوجدتها أعتى قوى العدوان في العالم.
وأشار إلى أن هذا النصر سيكون إيذاناً لولادة نظام عالمي جديد أكثر توازناً بدأت ملامحه تظهر بقوة على أشلاء نظام القطب الواحد الذي كانت انعكاساته كارثية على الأمة العربية وقضاياها، وفي مقدمتها القضية المركزية فلسطين. وأضاف صباغ: “إن القدس في وعينا وقلبنا.. في جوارحنا وأحاسيسنا كلها.. والقدس جوهر العروبة وقدسها.. فيها تتعالى التكبيرات وتدق النواقيس”، وتابع: “جئتكم من قلب العروبة النابض.. من دمشق الشام الحاضرة العربية التي ما فتئت تواجه الغزوات ذوداً عن العروبة التي لطالما طمع في أرضها وأهلها الطامعون.. واليوم شعبكم العربي السوري يرسم ملامح ملحمة جديدة استكمالاً لملاحمه التي سطّرت بأحرف من فخر في سفر التاريخ.. شعب كان في كل تاريخه أبياً.. ويأبى اليوم أن يرضخ لقطعان وحوش هائجة أرادت في ذبح الشام ذبح وجود العرب وحضارتهم وثقافتهم.. شعبكم العربي السوري يرفع رأسه عالياً.. وفوق رأسه يرفع شعارين استخلصهما السيد الرئيس بشار الأسد من كنه هذا الشعب الأبي ومن كينونته شعار يقول: ثمن المقاومة أقل من ثمن الرضوخ والمهانة. وآخر يقول: نحن شعب يستولد الأمل من رحم الألم”.
وأضاف صباغ: إنها صناعة التاريخ أيها الإخوة.. وهي حرفة لطالما أتقنتها أمتنا العربية العظيمة.. واليوم تؤكد سورية ضرورة استمرار هذه الصناعة مهما كانت التضحيات.. لكننا سننتصر.. لأن النصر قدرنا.. وهو قدرنا لأنه إرادتنا الأكيدة وإيماننا الذي هو نحن ونحن هو، وأردف قائلاً: في البلاغة إن الضد يظهر حسنه الضد.. فتصوّروا لو أن أعداء العرب انتصروا في سورية لا سمح الله.. كيف سيكون مصير هذه الأمة التي كانت حاضرة وفاعلة في مراحل التاريخ كافة.. وماذا كان سيحصل لفلسطين والقدس وكيف سيكون وجودنا الحضاري والثقافي أمام الاجتياح الصهيوني، المدعوم أمريكياً وغربياً.. هذه أسئلة نضعها اليوم أمام أشقائنا العرب.. فقد أثبتت الأحداث والتطورات أنه من أجل العروبة وفلسطين ليس أمامنا سوى المقاومة، وأكد أن الشعب السوري يكتب اليوم سفر خلاصه بدمه.. بتضحيات شبابه.. ببراعة وبسالة جيشه في الدفاع عن استقلال الوطن وكرامته وبدعم ومساندة أشقائه وأصدقائه وحلفائه، رغم الخلل الكبير في التوازن المادي والعسكري بين شعب صغير نسبياً وعدد ضخم يضم في دائرته كل حلف الناتو والكيان الصهيوني ومرتزقة الإرهاب وقطعانه من جميع أنحاء العالم، والذي يظهر كم هو عظيم النصر الذي يتجه إليه السوريون بخطوات ثابتة ويقين راسخ.
وأوضح صباغ أنه لم يتعرّض شعب قبل السوريين لمثل هذا الحجم من الإرهاب المركّب الذي جمع إرهاب العصابات المرتزقة.. وإرهاب الحرب النفسية والإعلامية وإرهاب المقاطعة الدبلوماسية وإرهاب الحصار الاقتصادي.. كل ذلك بسبب تمسّكه باستقلاله وحرصه على عروبته وعلى تحرير فلسطين والجولان، الذي يعاني أهله كما إخوتهم في فلسطين من الممارسات القمعية والعدوانية التي وصلت إلى حد حماية التنظيمات الإرهابية، من خلال تقديم العون لها وشن الاعتداءات المتكررة على الأراضي السورية.. باعتبار أن هذا التحرير تحرير لجوهر الوجود العربي وإنقاذ له من محاولات محوه من كتاب الحياة.. حضارة وثقافة ورسالة إنسانية متميزة.
وأكد رئيس مجلس الشعب أن السوريين أسقطوا نظرية الأحجام.. وأثبتوا أن القوة في الإرادة التي لا تقهر، موضحاً أن الحرب، وإن دخلت في مراحلها الأخيرة، إلا أن أعداء العروبة وأعداء فلسطين لم يستسلموا ومازالوا يشنون حروب الإرهاب المسلح والحصار والإعلام، لكن ثقة السوريين بالنصر أكيدة، وأضاف: إنه تأكد للجميع أن العدو الصهيوني لا يريد السلام وأن المعركة معه هي فعلاً معركة وجود.. وأن اغتصاب فلسطين باب لاغتصاب العروبة باعتبارها نسقاً ثقافياً حضارياً متجذّراً في التاريخ والحاضر.. وأن مصير العرب واحد والخطر عليهم واحد ولا يمكن مواجهة هذا الخطر إلا بمشروع قومي عصري واحد، وأصبحت الأولوية هي لقضية الوجود والدفاع العربي المشترك عن هذا الوجود.
وأضاف رئيس مجلس الشعب: إن دفاعنا عن القدس دفاع عن فلسطين.. ودفاعنا عن فلسطين دفاع عن وجودنا كأمة وكيان كبير وعظيم.. ولقد أثبتت التجربة أنه لا بديل من المقاومة بجميع أشكالها في مواجهة هذا السرطان الخطير، ونوّه بهذا اللقاء ودور المؤسسة البرلمانية القومية، التي يتمّ الاجتماع في رحابها، في تحقيق مصالح الشعوب العربية وتطلعاتها، داعياً البرلمانيين إلى توعية الشعوب بحقيقة المعركة التي تواجهها المنطقة العربية، والتي لا ترتبط بسورية فقط، وإنما هي معركة طويلة، جوهرها ضرب الانتماء لدى الإنسان العربي وتيئيسه.
وفي كلمة له خلال افتتاح أعمال المؤتمر أكد الطراونة ضرورة التحرّك الفاعل للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية يضمن وحدتها أرضاً وشعباً، ويعيد لها دورها كركن أساسي من أركان الاستقرار في المنطقة وأركان العمل العربي المشترك.
وشدد الطراونة على الوقوف إلى جانب الأشقاء في اليمن وليبيا والسودان بما يحقّق الأمن والاستقرار في هذه الدول، وأضاف: إن القضية الفلسطينية ستبقى هي القضية المركزية، وأن أي حل لا يضمن العدالة وحماية حقوق الشعب الفلسطيني هو حل غير قابل للحياة، كما أن استمرار الظلم الذي يتعرض له هذا الشعب هو كارثة إنسانية، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل أعباء ما يعانيه الفلسطينيون منذ عقود.
من جانبه قال رئيس الاتحاد البرلمان العربي، رئيس مجلس النواب المصري علي عبد العال: إن محور المؤتمر الأساسي في دورته الحالية يتعلّق بقضية القدس، مؤكداً رفض الاتحاد البرلماني العربي لإعلان الإدارة الأمريكية اعتبار القدس عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد الافتتاح اختار المؤتمرون بالتوافق رئيسة المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات أمل القبيسي نائباً لرئيس الاتحاد، ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أميناً للسر، كما تشكّلت لجنة صياغة البيان الختامي من الأردن وفلسطين والكويت.