“الجبهة الوطنية التقدمية.. واقع وآفاق” في الذكرى الـ 47 لتأسيسها
دمشق- سنان حسن- ريناس إبراهيم:
أقامت القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية، وبمناسبة الذكرى السابعة والأربعين لتأسيسها، الملتقى الحواري الفكري السياسي “الجبهة الوطنية التقدمية.. واقع وآفاق” أمس على مدرج مكتبة الأسد الوطنية، بحضور نائب رئيس الجبهة الرفيق محمد إبراهيم الشعار، وجهاد اللحام رئيس المحكمة الدستورية العليا، والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، ووزيري الإعلام والثقافة، والأمناء العامين لأحزاب الجبهة والأحزاب المرخصة.
وأكد الرفيق الشعار أن الجبهة الوطنية التقدمية كانت ومازالت أهم إنجازات التصحيح المجيد، حيث كان تشكيلها في عام 1972 ضرورة وطنية في مواجهة التحديات التي كانت تعصف بالأمة العربية، وسورية بشكل خاص، وعبّرت الجبهة في أهدافها ومهامها عن رؤية بعيدة المدى للقائد المؤسس حافظ الأسد، فكانت من العوامل الأساسية لتحقيق نقلة نوعية في الحياة السياسية، مضيفاً: لقد رسّخ قيام الجبهة أنموذجاً رائداً في العمل السياسي، الذي أسهم في تعزيز بناء الدولة، وتعميق المناخ الديمقراطي، ومشاركة الأحزاب السياسية والوطنية والتقدمية في إدارة شؤون البلاد.
وأشار الرفيق الشعار إلى أن الجبهة عملت على ترسيخ مبدأ التعددية السياسية، وتعزيز النهج الديمقراطي، النابع من حاجات الشعب وظروفه وقدراته وطموحاته، مشدّداً على أن أحزاب الجبهة، وفي مقدّمها حزب البعث العربي الاشتراكي، أثبتت خلال السنوات السابقة مقدرتها على التصدي لجملة الحروب المدمّرة غير المسبوقة، العسكرية والأمنية والاقتصادية والفكرية والإعلامية، التي استهدفت سورية، الوطن والإنسان، وأشار إلى أن الشعب العربي السوري، الذي قدّم التضحيات بكل مكوّناته، لن يسمح لأحد بالتدخل في شؤونه الداخلية وتغيير هويته الوطنية، مضيفاً: إن الجيش العربي السوري سيعمل على إعادة كل شبر من الأرض السورية إلى السيادة الوطنية.
وقسّمت الندوة على أربعة محاور، ففي الأول تحدّث الأمين العام للحزب الشيوعي عمار بكداش عن الفكر التقدمي التنويري في مواجهة الفكر الظلامي التكفيري، مؤكداً أن الظلامية ليست مرتبطة بدين من الأديان، وإنما بفكرها الرجعي المناهض لأي تقدّم، وفي عصرنا الراهن فالصهيونية العالمية هي الأكثر رجعية والأخطر لأنها تضع أسساً فاشية وعنصرية لتحقيق أهدافها، مضيفاً: إن التيارات الظلامية كانت رهينة بيد الاستعمار، وبالتحديد الانكليزي، الذي استخدمها وسيلة لتنفيذ مشاريعه ومخططاته في المنطقة، فكانت حركتا “الإخوان” و”الوهابية” أداتين لمحاربة أي فكر تقدمي وطني في الدول العربية.
وفي المحور الثاني تحدّث الرفيق صفوان سلمان الأمين العام للحزب القومي السوري الاجتماعي عن دور “الجبهة الوطنية في مواجهة التحديات السياسية”، مشيراً أن الميّزة الأهم في تجربة الجبهة أنها جمعت بين عراقة المدارس الفكرية للأحزاب المنضوية تحتها، واستمراريتها، مؤكداً أن هناك قواسم مشتركة في النضال والمواقف بين تلك الأحزاب، ولكن الجوهر الحقيقي هو أنها أحزاب توحّدت في تجربتها، مضيفاً: إن الوظيفة والغاية الأكثر نبلاً، والمطلوبة من الأحزاب في الحاضر والمستقبل، في مواجهة الحرب الإرهابية، هو بناء الشخصية الوطنية، وترسيخ الانتماء الوطني، وتعزيز مفهوم الدولة كهيئة حقوقية سياسية مسؤولة عن المواطنين.
وفي المحور الثالث تحدّث الرفيق صفوان قدسي، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، عن “دور الجبهة على ساحة العمل الحزبي العربي والقوى الدولية الصديقة في العالم”، حيث قدّم عرضاً موجزاً لدور الجبهة في التواصل والتعاون مع الأحزاب العربية، من خلال المؤتمر العام للأحزاب العربية، والذي كان البوابة لتعاون عربي حزبي منذ عام 1996، من خلال عقد مؤتمر منتظم كل ثلاث سنوات حتى عام 2009، حيث لم يعقد بعدها أي اجتماع، ولكن تمّت الاستعاضة عنه باجتماع الأمانة العامة لهذا المؤتمر، مضيفاً: هناك خطة لعقد اجتماع للأمانة العامة نهاية الشهر المقبل تمهيداً لانعقاد المؤتمر العام في 6 تشرين الأول المقبل.
وفي المحور الرابع تحدّث الرفيق عضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي الرفيق شعبان عزوز رئيس مكتب الفلاحين والعمال المركزي عن “المنظمات والنقابات ودورها في تعزيز الفكر التقدمي”، مؤكداً أن للمنظمات والنقابات المهنية تاريخاً عريقاً في سورية، تغذّت من الفكر الاشتراكي الثوري، وكان لها دور أساسي في مراحل الصراع الوطني من أجل الاستقلال والتحرّر، وأضاف: إن المنظمات والنقابات في سورية اضطلعت بدور مختلف تماماً عن الدور الذي تضطلع به مثيلاتها في العالم عندما رفعت شعار النضال السياسي بدلاً من النضال المطلبي، ففي منطقتنا ابتلينا بتتالي مراحل الاحتلال والاستعمار، وكان للمنظمات الشعبية دور بارز في التصدي لحملات الاستهداف، والوصول للتحرير، ورعاية حقوق منتسبيها والدفاع عنها، مع احتفاظها بتماسكها، بعيداً عن التباينات في القوى السياسية.
بعد ذلك فتح باب المداخلات، والتي وصلت إلى أكثر من خمسين مداخلة، تمحورت حول عدة مستويات، فكرية وتنظيمية وخطوات مستقبلية، حيث شددت على ضرورة تقييم واقع الجبهة الحالي تنظيمياً وفكرياً، ووضع برنامج عمل يتواءم مع المرحلة الجديدة، التي نحن مقبلون عليها، وفتح المجال أمام الأحزاب المرخصة للانضواء تحت راية الجبهة، وفق شروط ومحددات، وتفعيل التواصل مع جيل الشباب، والعمل على التوعية، وإعادة بناء الإنسان، وتفعيل دور وزارة الثقافة ومعارض الكتاب، وتعزيز الثقافة الإنسانية، وتوسيع مجال النشر والطباعة للأحزاب.
وفي ختام المداخلات، أكد الرفيق نائب رئيس الجبهة أن الملتقى هو باكورة عمل لتطوير الجبهة، وتحويلها إلى ورش عمل، بحيث يكون لدينا لجان اقتصادية وسياسية وإعلامية، ستتمخض عنها لجان اختصاصية، تبحث في معظم مجالات الحياة.