مــــرة أخــــرى البطاطـــا فـــي فـــلك الأزمـــات..!فجوات إنتاجية تعري ضعف المعالجات وتخرج السورية للتجارة من مضمار المنافسة
ينبئ عدم تنفيذ عقد المؤسسة السورية للتجارة الخاص باستيراد 5 آلاف طن من البطاطا بارتفاع سعر هذه المادة خلال الفترة القليلة القادمة ولاسيما أن التجار بدؤوا بطرح نحو 20 ألف طن في الأسواق بسعر 325 ليرة للكغ، دون منافس لهم في الأسواق، لتشي الوقائع بمعوقات أو اتفاقيات تمت لصالحهم..!
فجوة دائمة
لم تشفع أهمية البطاطا وما تمثله من “غذاء الفقير”، وكونها مادة أساسية على موائد السوريين، من ردم فجوة الحاجة لهذه المادة والممتدة لثلاثة أشهر وكأنها أصحبت محطة أساسية في كل عام، وتبدأ من فترة ما بين انتهاء العروة التشرينية والتي تنتج ما يقارب طنين فقط، وبدء إنتاج العروة الخريفية مع منتصف نيسان وتستمر لبداية حزيران لبدء انسياب الإنتاج المحلي إلى الأسواق، وقد تكون المعالجة بالاستيراد هي الحل والأنسب لتأمينها، وتخصيص المؤسسة السورية للتجارة بجزء من هذه العقد لضمان وصولها بأسعار مناسبة إلى المستهلك، إلا أن حيثيات ومعوقات كثيرة تتداخل في عدم إنجاح الحل لتبقى المادة والأسعار رهن قدرة وشطارة التجار الذين يحكمون السوق.
إهمال الوقت
نقابة الخضار والفواكه في سوق الهال هي الجهة الأقدر على توصيف الواقع كونها على تماس مباشر مع الكميات المطروحة والمتوفرة في الأسواق، إذ بين عضو اللجنة أسامة قزيز أن الإشكالية تكمن بعدم فتح الاستيراد في الوقت المناسب والانتظار لحين بدء الفجوة، معتبراً أن الوقت الأنسب مع بداية الشهر الأول دون تحديد المدة الزمنية والكمية في العقد، كون القطاع الخاص يتفوق على نظيره العام في إنجاز صفقات الاستيراد بالسرعة المطلوبة، وقد استطاع هذا القطاع استيراد 20 ألف طن، في حين تعذر الأمر على المؤسسة السورية للتجارة لاستجرار خمسة آلاف طن، وعجزت عن لعب دورها وخوض المنافسة مع التجار جراء رفضها للعروض المقدمة.
ترشيد خاطئ
قزيز أكد خلال حديثه غير مرة على ضرورة السماح بالاستيراد دون تحديد الكمية أو المدة، كون حاجة القطر تتخطى الـ50 ألف طن من المادة في هذه الفترة، والسماح باستيراد 25 ألف طن فقط فتح الباب واسعاً لتهريب المادة من الدول المجاورة، منوهاً إلى أن المواد الغذائية الأساسية غير قابلة لسياسة ترشيد القطع الأجنبي، حيث سيضطر السوق إلى إشباع حاجته عبر منافذ التهريب، والأجدى أن ينحصر الترشيد بما يخص لوازم الصناعة كالحبيبات البلاستيكية وقطع السيارات التي تستنزف كميات كبيرة منه، وبعيدة عن حاجات المواطنين الغذائية، وبالتالي وحسب قزيز فإن فتح مدة وكمية الاستيراد سيؤدي حتماً إلى انخفاض سعرها إلى ما دون 200 ليرة للكيلو، وجعلها في متناول كافة الشرائح في المجتمع.
عروض غامضة
تعذر المؤسسة عن استيراد حصتها، وجه بوصلتنا نحو الوقوف على الأسباب، ولكن مع وجود مدير عام جديد للمؤسسة حاول الإجابة بما يخص القادم من الأيام فقط، إذ أكد أحمد النجم عزم المؤسسة لاستيراد المادة خلال أسبوع واحد، ولكنه أحال الإجابة عن الأسباب إلى دائرة العقود التي أكدت أن المؤسسة قامت بالإعلان مرتين فقط، وفي كل مرة تم تقديم عرض واحد تضمنت أسعاراً أعلى من الرقم التأشيري الذي اعتمدته المؤسسة، ومع الإشارة إلى أنه تم التفاوض معهم إلا أن الأسعار بقيت ثابتة وأعلى من الأسعار الموجودة في سوق الهال بعد احتساب التكلفة ما منع المؤسسة من إتمام العقد، وهنا نسأل لماذا قدمت أسعار أعلى للمؤسسة، في حين استطاع التجار استجرار حصصهم..؟
ورغم طلب الوزارة الإعلان للمرة الثالثة، ولكن يبدو أن الاستيراد لن يتم خلال أسبوع كما سلف، حيث إجراءات الإعلان وحدها تستلزم وقتاً أكثر من ذلك.
علنا نستفيد
لن نتهم أحداً بالتقصير، ولكن اعتماد المؤسسة على عدد من التجار لاستيراد المادة المراد استيرادها من الخارج لصالحها، جعلها رهينة حسابات أخرجتها من دائرة المنافسة، في حين هناك من استورد وصرف كمياته، وحقق أرباحاً عالية قاربت ما بين 100 إلى 125 ليرة في الكيلو، فلماذا لا تلجأ المؤسسة إلى اعتماد لجان تسوق تشتري حصتها من البلدان المسموح الاستيراد منها، لتؤمن بذلك المادة وتبقى في مضمار المنافسة والدور المنوط بها، أو إعلان مناقصة خارجية للاستيراد من المنتج الخارجي مباشرة؟!! وضرورة العمل بالتوازي على إدراج أعضاء من نقابة سوق الهال في اللجنة الاقتصادية يوضح حالة السوق وضمان خروجها بقرارات مناسبة تلامس واقعه.
فاتن شنان